الصعب الوعر المرتقى وعلى الشجر والعشب والشوك فينفرج، وإذا أراد عبور نهر من الأنهار بلا سفينة ضربها عليه فانفلق وبدا له طريق مهيع يمشي فيه، وكان يشرب أحيانا من إحدى الشعبتين اللبن ومن الآخر العسل، وكان إذا أعيا في طريقه يركبها فتحملها إلى أي موضع شاء من غير ركض ولا تحريك رجل، وكانت تدله على الطريق وتقاتل أعداءه، وإذا احتاج موسى إلى الطيب فاح منها الطيب حتى يتطيب ثوبه، وإذا كان في طريق فيه لصوص تخشى الناس جانبهم تكلمه العصا وتقول له: خذ جانب كذا، وكان يهش بها على غنمه، ويدفع بها السباع والحيات والحشرات، وإذا سافر وضعها على عاتقه وعلق عليها جهازه ومتاعه ومخلاته ومقلاعه وكساءه وطعامه وسقاءه.
قال مقاتل بن حيان: قال شعيب لموسى حين زوج ابنته وسلم إليه أغنامه يرعاها:
اذهب بهذه الأغنام، فإذا بلغت مفرق الطريق فخذ على يسارك ولا تأخذ على يمينك، وإن كان الكلاء بها أكثر فإن هناك تنسينا عظيما أخشى عليك وعلى الأغنام منه، فذهب موسى بالأغنام فلما بلغ مفرق الطريقين أخذت الأغنام ذات اليمين فاجتهد موسى على أن يصرفها إلى ذات الشمال فلم تطعه، فنام موسى والأغنام ترعى، فإذا بالتنين قد جاء فقامت عصا موسى فحاربته فقتلته، وأتت فاستلقت على جنب موسى وهي دامية، فلما استيقظ موسى عليه السلام رأى العصا دامية والتنين مقتولا، فعلم أن في تلك العصا لله تعالى قدرة، وعرف أن لها شأنا، فهذه مآرب موسى فيها إذا كانت عصا، فأما إذا ألقاها موسى فيرى أنها تنقلب حية كأعظم ما يكون من التنانين سوداء مدلهمة تدب على أربع قوائم، تصير شعبتاها فمها، وفيه اثنا عشر أنيابا وأضراسا، لها صريف وصرير، يخرج منها لهب النار، فتصير محجنها عرفا لها كأمثال النيازك (1) تلتهب، وعيناها تلمعان كما يلمع البرق، تهب من فيها ريح السموم، لا تصيب شيئا إلا أحرقته، تمر بالصخرة مثل الناقة الكوماء (2) فتبتلعها حتى أن الصخور في جوفها تتقعقع (3) وتمر بالشجرة فتفطرها بأنيابها ثم تحطمها و