انتهى إلى النار فإذا شجرة تضطرم من أسفلها إلى أعلاها، فلما دنا منها تأخرت عنه فرجع وأوجس في نفسه خيفة ثم دنت منه الشجرة فنودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة: أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين، وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب، فإذا حية مثل الجذع لأنيابها صرير (1) يخرج منها مثل لهب النار، فولى مدبرا فقال له ربه عز وجل: ارجع، فرجع وهو يرتعد وركبتاه تصطكان، فقال: إلهي هذا الكلام الذي أسمع كلامك؟ قال: نعم فلا تخف، فوقع عليه الأمان فوضع رجله على ذنبها ثم تناول لحيتها (2) فإذا يده في شعبة العصا قد عادت عصا، وقيل له: اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى، فروي أنه امر بخلعهما بأنهما كانتا من جلد حمار ميت، وروي في قوله عز وجل: " فاخلع نعليك " أي خوفيك: خوفك من ضياع أهلك وخوفك من فرعون، ثم أرسله الله عز وجل إلى فرعون وملائه بآيتين: يده والعصا.
فروي عن الصادق عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فإن موسى بن عمران عليه السلام خرج ليقتبس لأهله نارا فرجع إليهم وهو رسول نبي فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيه موسى في ليلة، وكذا يفعل الله تعالى بالقائم الثاني عشر من الأئمة عليهم السلام يصلح الله أمره في ليلة كما أصلح الله أمر موسى عليه السلام، ويخرجه من الحيرة والغيبة إلى نور الفرج والظهور.
قصص الأنبياء: علي بن عبد الصمد، عن أبيه، عن السيد أبي البركات، عن الصدوق مثله مع اختصار (3).
بيان: الغمر: الماء الكثير ومعظم البحر. والتبني: اتخاذ ولد الغير ابنا. (فإذا قحم اللبن) لعله كناية عن كثرة سيلان اللبن من قولهم: قحم في الامر: رمى بنفسه فيه فجاءة من غير روية. وفي بعض النسخ: " يجم " أي يكثر، وفي بعضها: " فازدحم "