فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين " وكان فيهم أبو داود (1) ومعه من أولاده ثلاثة عشر ابنا، وكان داود عليه السلام أصغر بنيه وقد خلفه يرعى لهم ويحمل إليهم الطعام، وكان قد قال لأبيه ذات يوم: يا أبتاه ما أرمي بقذافتي شيئا إلا صرعته، وقال له: لقد دخلت بين الجبال فوجدت أسدا رابضا فركبت عليه وأخذت بأذنيه ولم أخفه، ثم أتاه يوما آخر فقال له: إني لامشي بين الجبال فاسبح فلا يبقى جبل إلا سبح معي، قال:
ابشر فإن هذا خير أعطاكه الله، فأرسل الله تعالى إلى النبي الذي مع طالوت قرنا فيه دهن وتنورا (2) من حديد، فبعث الله إلى طالوت وقال: (3) إن صاحبكم الذي يقتل جالوت يوضع هذا الدهن على رأسه فيغلي حتى يسيل من القرن ولا يجاوز رأسه إلى وجهه، و يبقى على رأسه كهيئة الإكليل، ويدخل في هذا التنور فيملؤه، فدعا طالوت بني إسرائيل فجربهم فلم يوافقه منهم أحد، فأحضر داود من رعيه فمر في طريقه بثلاثة أحجار، فكلمنه وقلن: خذنا يا داود فاقتل بنا جالوت، فأخذهن وجعلهن في مخلاته وكان طالوت قد قال: من قتل جالوت زوجته ابنتي، وأجريت خاتمه في مملكتي، فلما جاء داود وضعوا القرن على رأسه فغلى حتى ادهن منه، ولبس التنور فملأه، و كان داود مسقاما أزرق مصفارا، فلما دخل في التنور تضايق عليه حتى ملأه وفرح إشمويل وطالوت وبنو إسرائيل بذلك، وتقدموا إلى جالوت وصفوا للقتال، وخرج داود نحو جالوت وأخذ الأحجار ووضعها في قذافته ورمى بها جالوت فوقع الحجر بين عينيه ونقبت رأسه (4) وقتلته، ولم يزل الحجر يقتل كل من أصابته ينفذ منه إلى غيره، فانهزم عسكر جالوت بإذن الله، ورجع طالوت فأنكح ابنته داود، وأجرى خاتمه في ملكه فمال الناس إلى داود وأحبوه. (5) أقول: في أكثر نسخ التواريخ التنور بالتاء، وفي العرائس (6) شبه تنور، فأمره