محن الصالحين إنما كانت لذنوب بني إسرائيل، وأن العاقبة للمتقين، ووعدهم الفرج بقيام المسيح عليه السلام بعد نيف (1) وعشرين سنة من هذا القول، فلما ولد المسيح أخفى الله ولادته وغيب شخصه لان مريم عليها السلام لما حملته انتبذت به مكانا قصيا.
ثم إن زكريا وخالتها أقبلا يقصان أثرها حتى هجما عليها وقد وضعت ما في بطنها وهي تقول: " يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا " فأطلق الله تعالى ذكره لسانه بعذرها وإظهار حجتها، فلما ظهر اشتدت البلوى والطلب على بني إسرائيل وأكب الجبابرة والطواغيت عليهم، حتى كان من أمر المسيح ما قد أخبر الله به، واستتر شمعون ابن حمون والشيعة حتى أفضى بهم الاستتار إلى جزيرة من جزائر البحر فأقاموا بها ففجر لهم فيها العيون العذبة، (2) واخرج لهم من كل الثمرات، وجعل لهم فيها الماشية، وبعث إليهم سمكة تدعى القمد (3) لا لحم لها ولا عظم، وإنما هي جلد ودم فخرجت من البحر، وأوحى الله عز وجل إلى النحل أن تركبها، فركبتها فأتت النحل إلى تلك الجزيرة ونهض النحل وتعلق بالشجر فعرش وبنى وكثر العسل، ولم يكونوا يفقدون شيئا من أخبار المسيح عليه السلام. (4) بيان: قد مضى صدر الخبر في باب وفاة موسى عليه السلام وقال الفيروزآبادي: دمغه كمنعه ونصره: شجه حتى بلغت الشجة الدماغ. وقال: افتر: ضحك ضحكا حسنا، وقال: عرش بالمكان: أقام.
11 - تفسير العياشي: عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام " ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله " قال: وكان الملك في ذلك الزمان هو الذي يسير بالجنود، والنبي يقيم له أمره وينبئه الخير من عند ربه، (5) فلما قالوا ذلك لنبيهم قال لهم: إنه ليس عندكم وفاء ولا صدق ولا رغبة في الجهاد، فقالوا: