بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٣ - الصفحة ٢٦٤
يكون بالصفة الأخيرة فقط دون ما تقدم، (1) وعلى هذا القول يكون التكليف الثاني نسخا للأول، والثالث للثاني، وقد يجوز نسخ الشئ قبل الفعل لان المصلحة يجوز أن تتغير بعد فوات وقتها، وإنما لا يجوز نسخ الشئ قبل وقت الفعل لان ذلك يؤدي إلى البداء.
وذهب آخرون إلى أن التكليف واحد وأن الأوصاف المتأخرة إنما هي للبقرة المتقدمة، وإنما تأخر البيان (2) وهو مذهب المرتضى قدس الله روحه، واستدل بهذه الآية على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة، قال: إنه تعالى لما كلفهم ذبح بقرة قالوا لموسى عليه السلام: " ادع لنا ربك يبين لنا ما هي " فلا يخلو قولهم: " ما هي " من أن يكون كناية عن البقرة المتقدمة ذكرها، أو عن التي أمروا بها ثانيا، والظاهر من قولهم: " ما هي " يقتضي أن يكون السؤال عن صفة البقرة المأمور بذبحها، لأنه لا علم لهم بتكليف ذبح بقرة أخرى ليستفهموا عنها، وإذا صح ذلك فليس يخلو قوله: " إنها بقرة لا فارض ولا بكر " من أن يكون الهاء فيه كناية عن البقرة الأولى أو غيرها، وليس يجوز أن يكون كناية عن بقرة ثانية إذ الظاهر تعلقها بما تضمنه سؤالهم، ولأنه لو لم يكن الامر على ذلك لم يكن جوابا لهم، وقول القائل في جواب من سأله ما كذا وكذا؟: إنه بالصفة الفلانية، صريح في أن الهاء كناية عما وقع السؤال عنه، هذا مع قولهم: " إن البقر تشابه علينا " فإنهم لم يقولوا ذلك إلا وقد اعتقدوا أن خطابهم مجمل غير مبين، ولو كان على ما ذهب إليه القوم فلم لم يقل لهم: وأي تشابه عليكم وإنما أمرتم بذبح أي بقرة كانت؟
وأما قوله: " وما كادوا يفعلون " فالظاهر أن ذمهم مصروف إلى تقصيرهم، أو تأخيرهم امتثال الامر بعد البيان التام لا على ترك المبادرة في الأول إلى ذبح بقرة. انتهى. (3)

(1) بما ان التكليف الأول كان مطلقا، فلا محالة يكون التكليف الثاني متصفا بصفاته أيضا، لان المقيد يشتمل على ما في المطلق من الصفات.
(2) يدل على ذلك ما سيأتي من تفسير العسكري عليه السلام تحت رقم 7، بل يدل على أن موسى عليه السلام قال لهم انكم ستؤمرون بذلك راجعه.
(3) مجمع البيان 1: 136. فيه: أو تأخيرهم امتثال الامر بعد البيان التام وهو غير مقتض ذمهم على ترك المبادرة في الأول إلى ذبح البقرة، فلا دلالة في الآية على ذلك.
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 نقش خاتم موسى وهارون عليهما السلام وعلل تسميتهما و بعض أحوالهما، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 أحوال موسى عليه السلام من حين ولادته إلى نبوته، وفيه 21 حديثا. 13
4 باب 3 معنى قوله تعالى: (فاخلع نعليك) وقول موسى عليه السلام: (واحلل عقدة من لساني) وأنه لم سمي الجبل طور سيناء، وفيه خمسة أحاديث. 64
5 باب 4 بعثة موسى وهارون عليهما السلام على فرعون، وأحوال فرعون وأصحابه وغرقهم، وما نزل عليهم من العذاب قبل ذلك، وإيمان السحرة وأحوالهم، وفيه 61 حديثا 67
6 باب 5 أحوال مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون، وفيه ستة أحاديث 157
7 باب 6 خروج موسى عليه السلام من الماء مع بني إسرائيل وأحوال التيه، وفيه 21 حديثا. 165
8 باب 7 نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلق بها، وفيه 51 حديثا. 195
9 باب 8 قصة قارون، وفيه خمسة أحاديث. 249
10 باب 9 قصة ذبح البقرة، وفيه سبعة أحاديث. 259
11 باب 10 قصص موسى وخضر عليهما السلام، وفيه 55 حديثا. 278
12 باب 11 ما ناجى به موسى عليه السلام ربه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله وفيه 80 حديثا. 323
13 باب 12 وفاة موسى وهارون عليهما السلام وموضع قبرهما، وبعض أحوال يوشع بن نون عليه السلام، وفيه 22 حديثا. 363
14 باب 13 تمام قصة بلعم بن باعور، وفيه ثلاثة أحاديث. 377
15 باب 14 قصة حزقيل عليه السلام، وفيه تسعة أحاديث. 381
16 باب 15 قصص إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد وبيان أنه غير إسماعيل بن إبراهيم، وفيه سبعة أحاديث. 388
17 باب 16 قصة إلياس وإليا واليسع عليهم السلام، وفيه عشرة أحاديث. 392
18 باب 17 قصص ذي الكفل عليه السلام، وفيه حديثان. 404
19 باب 18 قصص لقمان وحكمه، وفيه 28 حديثا. 408
20 باب 19 قصص إشموئيل عليه السلام وتالوت وجالوت وتابوت السكينة، وفيه 22 حديثا. 435