ذلك على موسى فاجتمع إليه بنو إسرائيل فقالوا: ما ترى يا نبي الله؟ وكان في بني إسرائيل رجل له بقرة وكان له ابن بار، وكان عند ابنه سلعة فجاء قوم يطلبون سلعته وكان مفتاح بيته تحت رأس أبيه وكان نائما، وكره ابنه أن ينبهه وينغص عليه نومه فانصرف القوم فلم يشتروا سلعته، فلما انتبه أبوه قال له: يا بني ماذا صنعت في سلعتك؟ قال: هي قائمة لم أبعها، لان المفتاح كان تحت رأسك فكرهت أن أنبهك وأنغص عليك نومك، قال له أبوه: قد جعلت هذه البقرة لك عوضا عما فاتك من ربح سلعتك، وشكر الله لابنه ما فعل بأبيه وأمر موسى بني إسرائيل (1) أن يذبحوا تلك البقرة بعينها، فلما اجتمعوا إلى موسى وبكوا وضجوا قال لهم موسى: " إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة " فتعجبوا وقالوا: " أتتخذنا هزوا " نأتيك بقتيل فتقول: اذبحوا بقرة فقال لهم موسى: " أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين " فعلموا أنهم قد أخطؤوا فقالوا:
" ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر " والفارض التي قد ضربها الفحل ولم تحمل، والبكر التي لم يضربها الفحل، فقالوا: " ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها " أي شديدة الصفرة تسر الناظرين " إليها " قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون * قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض " أي لم تذلل " ولا تسقي الحرث " أي لا تسقي الزرع " مسلمة لاشية فيها " أي لا نقطة فيها إلا الصفرة " قالوا الآن جئت بالحق " هي بقرة فلان فذهبوا ليشتروها فقال: لا أبيعها إلا بملء جلدها ذهبا، فرجعوا إلى موسى عليه السلام فأخبروه فقال لهم موسى: لابد لكم من ذبحها بعينها، فاشتروها بملء جلدها ذهبا فذبحوها، ثم قالوا: يا نبي الله ما تأمرنا؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليه قل لهم: اضربوه ببعضها وقولوا: من قتلك؟ فأخذوا الذنب فضربوه به وقالوا: من قتلك يا فلان؟ فقال: فلان ابن فلان ابن عمي الذي جاء به، وهو قوله: " فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون ". (2)