ولكن شددوا فشدد الله عليهم " قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون * قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لاشية فيها قالوا الآن جئت بالحق " فطلبوها فوجدوها عند فتى من بني إسرائيل، فقال: لا أبيعها إلا بملء مسكها (1) ذهبا، فجاؤوا إلى موسى عليه السلام فقالوا له ذلك، فقال:
اشتروها، فاشتروها وجاؤوا بها، فأمر بذبحها ثم أمر أن يضرب الميت بذنبها، فلما فعلوا ذلك حيي المقتول، وقال: يا رسول الله إن ابن عمي قتلني دون من يدعي عليه قتلي، فعلموا بذلك قاتله، فقال لرسول الله موسى عليه السلام بعض أصحابه: (2) إن هذه البقرة لها نبأ فقال: وما هو؟ قال: إن فتى من بني إسرائيل كان بارا بأبيه وإنه اشترى بيعا فجاء إلى أبيه فرأى والأقاليد (3) تحت رأسه، فكره أن يوقظه فترك ذلك البيع فاستيقظ أبوه فأخبره، فقال: أحسنت خذ هذه البقرة فهي لك عوضا لما فاتك، قال: فقال له رسول الله موسى عليه السلام:
انظروا إلى البر ما بلغ بأهله. (4) تفسير العياشي: عن البزنطي مثله.
بيان: لا يخفى دلالة هذا الخبر والأخبار الآتية على كون التكليف في الأول غير التكليف بعد السؤال، وقد اختلف علماء الفريقين في ذلك، قال الشيخ الطبرسي رحمه الله:
اختلف العلماء في هذه الآيات: فمنهم من ذهب إلى أن التكليف فيها متغاير، ولو أنهم ذبحوا أولا أي بقرة اتفقت لهم كانوا قد امتثلوا الامر، فلما لم يفعلوا كانت المصلحة أن شدد عليهم التكليف، ولما راجعوا المرة الثانية تغيرت مصلحتهم إلى تكليف ثالث.
ثم اختلف هؤلاء من وجه آخر: فمنهم من قال في التكليف الأخير أنه يجب أن يكون مستوفيا لكل صفة تقدمت، فعلى هذا القول يكون التكليف الثاني والثالث ضم تكليف إلى تكليف زيادة في التشديد عليهم لما فيه من المصلحة، ومنهم من قال: يجب أن