عليه السلام: إن هذا الباب والأرض كلها وما فيها لرب العالمين، وأهلها عبيد له، فسمع ذلك الرجل قولا لم يسمع مثله قط ولم يظن أن أحدا من الناس يفصح بمثله، فلما سمع ما سمع أسرع إلى كبرائه الذين فوقه فقال لهم: سمعت اليوم قولا وعاينت عجبا من رجلين هو أعظم عندي وأفظع وأشنع مما أصابنا في الأسد، وما كانا ليقدما على ما أقدما عليه إلا بسحر عظيم، وأخبرهم القصة فلا يزال ذلك يتداول بينهم حتى انتهى إلى فرعون.
وقال السدي بإسناده: سار موسى عليه السلام بأهله نحو مصر حتى أتاها ليلا فتضيف أمه وهي لا تعرفه، وإنما أتاهم في ليلة كانوا يأكلون فيها الطفيشل ونزل في جانب الدار، فجاء هارون فلما أبصر ضيفه سأل عنه أمه، فأخبرته أنه ضيف فدعاه فأكل معه فلما أن قعد تحدثا فسأله هارون فقال: من أنت؟ فقال: أنا موسى، فقام كل واحد منهما إلى صاحبه فاعتنقه، فلما أن تعارفا قال له موسى: يا هارون انطلق معي إلى فرعون، فإن الله عز وجل قد أرسلنا إليه، فقال هارون: سمعا وطاعة، فقامت أمهما فصاحت (1) وقالت: أنشدكما الله أن تذهبا (2) إلى فرعون فيقتلكما، فأتيا ومضيا (3) لامر الله سبحانه فانطلقا إليه ليلا فأتيا الباب والتمسا الدخول عليه ليلا فقرعا الباب ففزع فرعون وفزع البواب، وقال فرعون: من هذا الذي يضرب بابي هذه الساعة؟! فأشرف عليهما البواب فكلمهما، فقال له موسى: أنا رسول رب العالمين، فأتى (4) فرعون فأخبره وقال: إن ههنا إنسانا مجنونا يزعم أنه رسول رب العالمين.
وقال محمد بن إسحاق بن يسار: خرج موسى لما بعثه الله سبحانه حين قدم مصر على فرعون هو وأخوه هارون حتى وقفا على باب فرعون يلتمسان الاذن عليه وهما يقولان:
إنا رسول رب العالمين، فأذنوا بنا هذا الرجل، (5) فمكثا سنتين يغدوان إلى بابه و