محيطة بالمدينة من حولها، وكانت ترد الماء غبا، وكان فرعون إذ ذاك في مدينة حصينة عليها سبعون سورا، في كل سور رساتيق وأنهار (1) ومزارع وأرض واسعة، في ربض كل سور (2) سبعون ألف مقاتل، ومن وراء تلك المدينة غيضة (3) تولى فرعون غرسها بنفسه وعمل فيها وسقاها بالنيل، ثم أسكنها الأسد فنسلت (4) وتوالدت حتى كثرت، ثم اتخذها جندا من جنوده تحرسه، وجعل خلال تلك الغيضة طرقا تفضي من يسلكها إلى أبواب من أبواب المدينة معلومة ليس لتلك الأبواب طريق غيرها، فمن أخطأ وقع في الغيضة فأكلته الأسد (5) وكانت الأسود إذا وردت النيل ظلت عليها يومها كلها ثم تصدر مع الليل، قال: فالتقى موسى وهارون يوم ورودها، فلما أبصرتهما الأسد مدت أعناقها و رؤوسها إليهما وشخصت أبصارها نحوهما، وقذف الله تعالى في قلوبها الرعب، فانطلقت نحو الغيضة منهزمة هاربة على وجوهها تطأ بعضها بعضا حتى اندست في الغيضة، وكان لها ساسة يسوسونها وذادة يذودونها ويشلونها بالناس (6) فلما أصابها ما أصابها خاف ساستها فرعون ولم يشعروا من أين اتوا، فانطلق موسى وهارون عليهما السلام في تلك المسبعة (7) حتى وصلا إلى باب المدينة الأعظم الذي هو أقرب أبوابها إلى منزل فرعون، وكان منه يدخل ومنه يخرج، وذلك ليلة الاثنين بعد هلال ذي الحجة بيوم، فأقاما عليه سبعة أيام فكلمهما واحد من الحراس وزبرهما (8) وقال لهما: هل تدريان لمن هذا الباب؟ فقال موسى
(١٤٢)