يروحان لا يعلم بهما ولا يجترئ أحد على أن يخبره بشأنهما حتى دخل عليه بطال له يلعب عنده ويضحكه فقال له: أيها الملك إن على بابك رجلا (1) يقول قولا عجيبا يزعم أن له إلها غيرك، فقال: ببابي؟ (2) أدخلوه، فدخل موسى ومعه هارون عليه السلام على فرعون. (3) قالوا: فلما أذن فرعون لموسى وهارون دخلا عليه فلما وقفا عنده دعا موسى بدعاء وهو: " لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، اللهم إني أدرؤك (4) في نحره و أعوذ بك من شره وأستعينك (5) عليه فاكفنيه بما شئت " قال: فتحول ما بقلب موسى من الخوف أمنا، وكذلك من دعا بهذا الدعاء وهو خائف آمن الله خوفه، ونفس كربته، وهون عليه سكران الموت.
ثم قال فرعون لموسى: من أنت؟ قال: أنا رسول رب العالمين، فتأمله فرعون فعرفه فقال له: " ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين * وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين " معناه: على ديننا هذا الذي تعيبه، (6) فقال موسى: " فعلتها إذا وأنا من الضالين " المخطئين، (7) ولم أرد بذلك القتل " ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما " أي نبوة (8) " وجعلني من المرسلين " ثم أقبل موسى ينكر عليه ما ذكر فقال: " وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل " أي اتخذتهم عبيدا تنزع أبناءهم من أيديهم تسترق من شئت، (9) أي إنما صيرني إليك ذلك، قال فرعون: " وما رب