فقال له يوشع بن نون: يا مكلم الله (1) أين أمرت وقد غشينا فرعون والبحر أمامنا؟ فقال موسى: ههنا، فخاض يوشع الماء وجاز البحر ما يواري حافر دابته الماء، وقال خربيل (2) يا مكلم الله أين أمرت؟ قال: ههنا، فكبح فرسه بلجامه (3) حتى طار الزبد من شدقيه ثم أقحمه البحر فرسب في الماء وذهب القوم يصنعون مثل ذلك فلم يقدروا، فأوحى الله سبحانه إلى موسى: " أن اضرب بعصاك البحر " فضرب فلم يطعه فأوحى الله إليه: أن كنه، فضرب موسى بعصاه ثانيا وقال: انفلق أبا خالد! (4) فانفلق، فكان كل فرق كالطود العظيم، فإذا خربيل واقف على فرسه لم يبتل سرجه ولا لبده، وظهر في البحر اثنا عشر طريقا لاثني عشر سبطا، لكل سبط طريق، وأرسل الله الريح والشمس على قعر البحر حتى صار يبسا.
وعن عبد الله بن سلام أن موسى لما انتهى إلى البحر قال: " يا من كان قبل كل شئ، والمكون لكل شئ، والكائن بعد كل شئ اجعل لنا مخرجا ".
وعن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنه قال عند ذلك: " اللهم لك الحمد و إليك المشتكى وأنت المستعان (5) ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " قالوا: فخاضت بنو إسرائيل البحر كل سبط في طريق وعن جانبيهم الماء كالجبل الضخم لا يرى بعضهم بعضا فخافوا وقال كل سبط: قد قتل إخواننا، فأوحى الله سبحانه إلى جبال الماء: أن تشبكي فصار الماء شبكات ينظر بعضهم إلى بعض، ويسمع بعضهم كلام بعض حتى عبروا البحر سالمين، ولما خرجت ساقة عسكر موسى من البحر وصلت مقدمة عسكر فرعون إليه، و أراد موسى أن يعود البحر إلى حاله الأولى فأوحى الله سبحانه: أن اترك البحر رهوا