بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ١٨
ثم اعلم أن من القوم من استدل بالخبر الذي نقله من الفقيه على جواز النسخ قبل الفعل لأنه عليه السلام نسخ السنة بالشهر، والشهر باليوم، وفيه نظر إذ يمكن أن يكون هذا التدريج لبيان اختلاف مراتب التوبة، فإن التوبة الكاملة هي ما كانت قبل الموت بسنة ليأتي منه تدارك لما فات منه من الطاعات، وإزالة لما أثرت فيه الذنوب من الكدورات والظلمات، ثم إن لم يتأت منه ولم يمهل لذلك فلابد من شهر لتدارك شئ مما فات، وإزالة قليل من آثار السيئات وهكذا، وأما توبة وقت الاحتضار فهي لأهل الاضطرار. والغرغرة: تردد الماء وغيره من الأجسام المائعة في الحلق، والمراد هنا تردد الروح وقت النزع.
1 - إكمال الدين: أبي، عن سعد، و عبد الله بن جعفر الحميري، عن أيوب بن نوح، عن الربيع ابن محمد المسلي، و عبد الله بن سليمان العامري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما زالت الأرض إلا ولله تعالى ذكره فيها حجة يعرف الحلال والحرام، ويدعو إلى سبيل الله عز وجل، ولا تنقطع الحجة من الأرض إلا أربعين يوما قبل القيامة، فإذا رفعت الحجة أغلقت أبواب التوبة، ولم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن ترفع الحجة، أولئك شرار من خلق الله وهم الذين تقوم عليهم القيامة. " ص 133 " 2 - الكافي: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن بكير، عن أبي عبد الله، أو عن أبي جعفر عليهما السلام قال: إن آدم عليه السلام قال: يا رب سلطت علي الشيطان و أجريته مني مجرى الدم (1) فاجعل لي شيئا، فقال: يا آدم جعلت لك أن من هم من

(1) روى العامة أيضا (ان الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم) قال بعضهم: ذهب قوم ممن ينتمى إلى ظاهر العلم إلى أن المراد به أن الشيطان لا يفارق ابن آدم ما دام حيا، كما لا يفارقه دمه، وحكى هذا عن الأزهري، وقال: هذا طريق ضرب المثل، والجمهور من علماء الأمة أجروا ذلك على ظاهره، وقالوا: إن الشيطان جعل له هذا القدر من التطرق إلى باطن الادمي بلطافة هيئته، لمحنة الابتلاء، ويجري في العروق التي هي مجاري الدم من الادمي إلى أن يصل إلى قلبه فيوسوسه على حسب ضعف إيمان العبد وقلة ذكره وكثرة غفلته، ويبعد عنه ويقل تسلطه وسلوكه إلى باطنه بمقدار قوة إيمانه ويقظته ودوام ذكره وإخلاص عمله، وما رواه المفسرون عن ابن عباس قال: (ان الله جعل الشياطين من بني آدم مجرى الدم، وصدور بني آدم مساكن لهم) يؤيد لما ذهب إليه الجمهور، وهم يسمون وسوسته لمة الشيطان. ومن ألطافه تعالى أنه هيأ ذوات الملائكة على ذلك الوصف من أجل لطافتهم، وأعطاهم قوة الحفظ لبنى آدم وقوة الالمام في بواطنهم وتلقين الخير لهم في مقابلة لمة الشيطان، كما روى أن للملك لمة بابن آدم، وللشيطان لمة، لمة الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق، ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالحق. قاله المصنف في شرحه على الكافي.
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست