تغير أمر من الأمور وهو الكسوف، فلما تغيرت العلة تغير المعلول.
فإن قال: فلم جعل يوم الفطر العيد؟ قيل: لان يكون للمسلمين مجمعا يجتمعون فيه، ويبرزون إلى الله عز وجل فيحمدونه على ما من عليهم، فيكون يوم عيد، ويوم اجتماع، ويوم فطر، ويوم زكاة، ويوم رغبة، ويوم تضرع، ولأنه أول يوم من السنة يحل فيه الأكل والشرب، لان أول شهور السنة عند أهل الحق شهر رمضان فأحب الله عز وجل أن يكون لهم في ذلك اليوم مجمع يحمدونه فيه ويقدسونه.
فإن قال: فلم جعل التكبير فيها أكثر منه في غيرها من الصلوات؟ قيل: لان التكبير إنما هو تعظيم لله وتمجيد على ما هدى وعافا، كما قال الله عز وجل: " ولتكملوا العدة (1) ولتكبروا الله على ما هديكم ولعلكم تشكرون ".
فإن قال: فلم جعل فيها اثنا عشر تكبيرة؟ قيل: لأنه يكون في ركعتين (2) اثنا عشر تكبيرة، فلذلك جعل فيها اثنا عشر تكبيرة.
فإن قال: فلم جعل سبع في الأولى وخمس في الآخرة (3) ولم يسو بينهما؟
قيل: لان السنة في صلاة الفريضة أن يستفتح بسبع تكبيرات فلذلك بدئ ههنا بسبع تكبيرات، وجعل في الثانية خمس تكبيرات لان التحريم من التكبير في اليوم والليلة خمس تكبيرات، وليكون التكبير في الركعتين جميعا وترا وترا.
فإن قال: فلم أمروا بالصوم؟ قيل: لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش فيستدلوا (4) على فقر الآخرة، وليكون الصائم خاشعا، ذليلا، مستكينا، مأجورا، محتسبا، عارفا، صابرا لما أصابه من الجوع والعطش، فيستوجب الثواب مع ما فيه من الانكسار عن الشهوات، وليكون ذلك واعظا لهم في العاجل، ورائضا لهم على أداء