غيره ممن يؤم الناس في غير الجمعة، إذ يشترط في الخطبة العلم بما يعظ الناس ويأمرهم به والعمل بها، ولا يشترك ذلك في سائر الأئمة، وهذا وجه قريب، وإن كان فيه بعدما لفظا، بل الأظهر عندي أنه كان في الأصل: " ليكون " أي إنما جعلت الخطبة ليكون الامام في تلك الصلاة منفصلا ممتازا ولا يفعل تلك الصلاة غيره من أئمة الصلوات في سائر الأيام. وفي هذا الوجه وفي قوله: فأراد أن يكون للأمير إشعار بأن هذه الصلاة إنما يفعلها الامراء أو المنصوبون من قبل الإمام عليه السلام.
الرابع: أن يكون قوله: ممن يؤم متعلقا بقوله: منفصلا، ويكون قوله: وليس بفاعل غيره تفسيرا لقوله: منفصلا، ويكون حاصل الكلام: أنه إنما جعلت الخطبة لئلا يكون المصلي في يوم الجمعة منفصلا عن المصلي في غيره بأن يكون صلاته ركعتين، فإنها مع الخطبتين بمنزلة أربع ركعات.
قوله: والخطبتان في الجمعة والعيدين بعد الصلاة أقول: لم يذهب إلى هذا القول فيما علمنا أحد من علمائنا غيره في هذين الكتابين، وسيأتي القول في ذلك في بابه. قوله: فوجبت الجمعة على من هو على نصف البريد في مناسبة هذا الأصل الحكم خفاء، ولعله مبني على ما لا يصل إليه علمنا من المناسبات الواقعية، ويمكن أن يقال:
لما كان الغالب في المسافرين الركبان، والقوافل المحملة المثقلة إنما تقطع في بياض الأيام القصار ثمانية فراسخ والتكليف بحضور صلاة الجمعة يتعلق بالركبان والمشاة، والغالب فيهم المشاة، والماشي يسير غالبا نصف الراكب فلذا جعل هنا نصف ما جعل للمسافر، أو أن ليوم الجمعة أعمالا أخرى غير الصلاة فجعل نصفه للصلاة ونصفه لسائر الاعمال، فلو وجب عليهم المسير أكثر من فرسخين لم يتيسر له سائر الأعمال والله يعلم.
قوله: ليلقى ربه طاهر الجسد أي لا يصير جسده كثيفا من تراب القبر وغيره والمراد بملاقات الرب ملاقاة ملائكته ورحمته. قوله: لأن هذه الأشياء كلها ملبسة، لعل المعنى أنه لما كان غالب المماسة فيها هكذا فلذا رفع الغسل من رأس، فلا يتوهم منه وجوب الغسل بمس ما تحله الحياة منها. قوله عليه السلام: يرى الكسوف أي آثاره من ضوء الشمس والقمر.