فأحرى أن يدرك المدرك الركوع فلا تفوته الركعة (1) في الجماعة.
فإن قال: فلم أمروا بالقراءة في الصلاة؟ قيل: لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا، وليكون محفوظا (2) فلا يضمحل ولا يجهل.
فإن قال: فلم بدئ بالحمد في كل قراءة دون سائر السور؟ قيل: لأنه ليس شئ من القرآن (3) والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد، وذلك أن قوله: " الحمد لله " إنما هو أداء لما أوجب الله تعالى على خلقه من الشكر، وشكر لما وفق عبده للخير " رب العالمين " تمجيد له وتحميد وإقرار بأنه هو الخالق المالك لا غيره " الرحمن الرحيم " استعطاف وذكر لآلائه ونعمائه (4) على جميع خلقه، " مالك يوم الدين " إقرار بالبعث والحساب والمجازاة، وإيجاب له ملك الآخرة كما أوجب له ملك الدنيا، " إياك نعبد " رغبة وتقرب إلى الله عز وجل وإخلاص بالعمل له دون غيره " وإياك نستعين " استزادة من توفيقه وعبادته واستدامة لما أنعم عليه ونصره، " اهدنا الصراط المستقيم " استرشاد لأدبه واعتصام بحبله واستزادة في المعرفة بربه وبعظمته وكبريائه " صراط الذين أنعمت عليهم " توكيد في السؤال والرغبة، وذكر لما قد تقدم من نعمه على أوليائه، ورغبة في ذلك النعم (5) " غير المغضوب عليهم " استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين، المستخفين به وبأمره ونهيه " ولا الضالين " اعتصام من أن يكون من الضالين الذين ضلوا عن سبيله من غير معرفة، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا فقد اجتمع فيه من جوامع الخير والحكمة في أمر الآخرة والدنيا ما لا يجمعه شئ من الأشياء.
فإن قال: فلم جعل التسبيح في الركوع والسجود؟ قيل: لعلل: منها أن يكون