بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٦٤
فإن قال: فلم أمروا بالصلاة؟ قيل: لان في الصلاة الاقرار بالربوبية، وهو صلاح عام لان فيه خلع الأنداد، والقيام بين يدي الجبار بالذل والاستكانة والخضوع، والاعتراف وطلب الإقالة من سالف الذنوب، ووضع الجبهة على الأرض كل يوم وليلة، ليكون العبد ذاكرا لله تعالى غير ناس له، ويكون خاشعا، وجلا، متذللا، طالبا، راغبا في الزيادة للدين والدنيا، مع ما فيه من الانزجار عن الفساد، وصار ذلك عليه في كل يوم وليلة لئلا ينسى العبد مدبره وخالقه فيبطر (1) ويطغى، وليكون في ذكر خالقه والقيام بين يدي ربه زاجرا له عن المعاصي، وحاجزا ومانعا عن أنواع الفساد.
فإن قال: فلم أمروا بالوضوء وبدئ به؟ قيل: لان يكون العبد طاهر إذا قام بين يدي الجبار عند مناجاته إياه، مطيعا له فيما أمره، نقيا من الأدناس و النجاسة، مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد النعاس، وتزكية الفؤاد للقيام بين يدي الجبار.
فإن قال: لم وجب ذلك على الوجه واليدين والرأس والرجلين؟ قيل: لان العبد إذا قام بين يدي الجبار فإنما (2) ينكشف من جوارحه ويظهر ما وجب فيه الوضوء، وذلك أنه بوجهه يسجد ويخضع، وبيده يسأل ويرغب (ويرهب ويتبتل ع) وينسك، (3) وبرأسه يستقبل في ركوعه وسجوده، وبرجليه يقوم ويقعد.

(1) بطر يبطر بطرا: أخذته دهشة وحيرة عند هجوم النعمة. طغى بالنعمة أو عندها فصرفها إلى غير وجهها. بطر الحق: تكبر عنه ولم يقبله.
(2) في العلل: قائما. م (3) أصل الراغبة: السعة في الشئ يقال: رغب الشئ: اتسع، والرغبة والرغب والرغبى: السعة في الإرادة، قال تعالى: ويدعوننا رغبا ورهبا، قاله الراغب. وفى لسان العرب: الرغب (بفتح الراء وضمها) والرغب (بفتح الراء والغين) والرغبة، والرغبوت، والرغبى (بفتح الراء وضمها) والرغباء: الضراعة والمسألة، وفى حديث الدعاء: رغبة ورهبة إليك. وفيه أن الرهبة الخوف والفزع.
وقال الراغب: الرهبة والرهب: مخافة مع تحرز واضطراب. والتبتل: الانقطاع إلى الله في العبادة وإخلاص النية انقطاعا يختص به، وأصله من بتل الشئ: قطعه وأبانه من غيره، وسميت فاطمة عليها سلام الله البتول لانقطاعها إلى الله، وعن نساء زمانها ونساء الأمة عملا وحسبا ودينا. والنسك:
العبادة والتطوع بقربة، وفى الحديث الرغبة: تبسط يديك وتظهر باطنهما، والرهبة: تبسط يديك تظهر ظهرهما. والتبتل: تحرك السبابة اليسرى ترفعها في السماء رسلا وتضعها، كل ذلك في حال الدعاء والتضرع.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316