والآخرة " ويمدهم في طغيانهم يعمهون " يمهلهم ويتأتى بهم ويدعوهم إلى التوبة، ويعدهم إذا تابوا المغفرة، وهم يعمهون لا يرعوون عن قبيح ولا يتركون أذى بمحمد وعلي يمكنهم إيصاله إليهما إلا بلغوه.
قال العالم عليه السلام: أما استهزاء الله بهم في الدنيا فهو إجراؤه إياهم على ظاهر أحكام المسلمين لاظهارهم السمع والطاعة، وأما استهزاؤه بهم في الآخرة فهو أن الله عز وجل إذا أقرهم في دار اللعنة والهوان وعذبهم بتلك الألوان العجيبة من العذاب وأقر هؤلاء المؤمنين في الجنان بحضرة محمد صفي الله الملك الديان أطلعهم على هؤلاء المستهزئين بهم في الدنيا حتى يروا ما هم فيه من عجائب اللعائن وبدائع النقمات فيكون لذتهم وسرورهم بشماتتهم كلذتهم وسرورهم بنعيمهم في جنان ربهم، فالمؤمنون يعرفون أولئك الكافرين المنافقين بأسمائهم وصفاتهم، والكافرون والمنافقون ينظرون فيرون هؤلاء المؤمنين الذين كانوا بهم في الدنيا يسخرون لما كانوا من موالاة محمد وعلي و آلهما يعتقدون، فيرونهم في أنواع الكرامة والنعيم، فيقول هؤلاء المؤمنون المشرفون على هؤلاء الكافرين المنافقين: يا فلان! ويا فلان! ويا فلان! - حتى ينادوهم بأسمائهم - ما بالكم في مواقف خزيكم ماكثون؟ هلموا إلينا نفتح لكم أبواب الجنان لتخلصوا من عذابكم وتلحقوا بنا، فيقولون: يا ويلنا أنى لنا هذا؟ فيقول المؤمنون: انظروا إلى هذه الأبواب، فينظرون إلى أبواب من الجنان مفتحة يخيل إليهم أنها إلى جهنم التي فيها يعذبون، ويقدرون أنهم يتمكنون من أن يخلصوا إليها فيأخذون في السباحة في بحار حميمها، وعدوا من بين أيدي زبانيتها، (1) وهم يلحقونهم يضربونهم بأعمدتهم و مرزباتهم (2) وسياطهم فلا يزالون هكذا يسيرون هناك، وهذه الأصناف من العذاب تمسهم حتى إذا قدروا أن قد بلغوا تلك الأبواب وجدوها مردومة (3) عنهم، و