بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٥٩
فإن قال: لم أمر الله الخلق (1) بالاقرار بالله وبرسله (2) وحججه وبما جاء من عند الله عز وجل؟ قيل: لعلل كثيرة: منها أن من لم يقر بالله عز وجل لم يجتنب معاصيه ولم ينته عن ارتكاب الكبائر، ولم يراقب أحدا فيما يشتهي ويستلذ من الفساد و الظلم، فإذا فعل الناس هذه الأشياء وارتكب كل إنسان ما يشتهي ويهواه من غير مراقبة لاحد كان في ذلك فساد الخلق أجمعين، ووثوب بعضهم على بعض، فغصبوا الفروج والأموال وأباحوا الدماء والنساء (والسبي ع) وقتل بعضهم بعضا من غير حق ولا جرم، فيكون في ذلك خراب الدنيا، وهلاك الخلق، وفساد الحرث والنسل.
ومنها أن الله عز وجل حكيم، ولا يكون الحكيم ولا يوصف (3) بالحكمة إلا الذي يحظر الفساد، ويأمر بالصلاح، ويزجر عن الظلم، وينهى عن الفواحش، ولا يكون حظر الفساد والامر بالصلاح والنهي عن الفواحش إلا بعد الاقرار بالله عز وجل ومعرفة الآمر والناهي، فلو ترك الناس بغير إقرار بالله ولا معرفته لم يثبت أمر بصلاح، ولا نهي عن فساد إذ لا آمر ولا ناهي.
ومنها أنا وجدنا الخلق قد يفسدون بأمور باطنة، مستورة عن الخلق، فلولا الاقرار بالله عز وجل وخشيته بالغيب لم يكن أحد إذا خلا بشهوته وإرادته يراقب أحدا في ترك معصية، وانتهاك حرمة، وارتكاب كبيرة، إذا كان فعله ذلك مستورا (4) عن الخلق، غير مراقب لاحد، وكان يكون في ذلك هلاك الخلق أجمعين، فلم يكن قوام الخلق و صلاحهم إلا بالاقرار منهم بعليم خبير، يعلم السر وأخفى، آمر بالصلاح، ناه عن الفساد، لا تخفى عليه خافية، ليكون في ذلك انزجار لهم عما يخلون (5) به من أنواع الفساد.
فإن قال: فلم وجب عليهم (6) معرفة الرسل والاقرار بهم والاذعان لهم بالطاعة؟
قيل: لأنه لما لم يكن (7) في خلقهم وقولهم وقواهم ما يكملون لمصالحهم، (8) وكان

(1) في العلل: لم امر الخلق. م (2) في العلل: برسوله. م (3) في المصدر: ولا يكون حكيما ولا يوصف. م (4) في العلل: إذا فعل ذلك مستورا. م (5) في العلل عما يحلون به. م (6) في العلل: فان قال قائل: فلم وجب عليكم. م (7) في العيون: لما إن لم يكن، وفى العلل: لما لم يكتف. م (8) في العلل بعد قوله: وقواهم: ما يثبتون به لمباشرة الصانع عز وجل حتى يكلمهم ويشافههم وكان الصانع اه‍. م
(٥٩)
مفاتيح البحث: النهي (1)، الظلم (1)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316