بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٤٧
على صدق الندم، وإن لم يقم بها أمكن جعله دلالة على عدم صحة الندم. ثم قال رحمه الله المغتاب إما أن يكون قد بلغه اغتيابه أولا، ويلزم الفاعل للغيبة في الأول الاعتذار عنه إليه لأنه أوصل إليه ضرر الغم فوجب عليه الاعتذار منه والندم عليه، وفي الثاني لا يلزمه الاعتذار ولا الاستحلال منه لأنه لم يفعل به ألما، وفي كلا القسمين يجب الندم لله تعالى لمخالفة النهي، والعزم على ترك المعاودة وقال المحقق في التجريد، وفي إيجاب التفصيل مع الذكر إشكال. وقال العلامة ذهب قاضي القضاة (1) إلى أن التائب إن كان عالما بذنوبه على التفصيل وجب عليه التوبة عن كل واحدة منها مفصلا وإن كان يعلمها على الاجمال وجب عليه التوبة كذلك مجملا، وإن كان يعلم بعضها على التفصيل وبعضها على الاجمال وجب عليه التوبة عن المفصل بالتفصيل وعن المجمل بالاجمال، واستشكل المصنف رحمه الله إيجاب التفصيل مع الذكر لامكان الاجتزاء بالندم على كل قبيح وقع منه وإن لم يذكره مفصلا.
ثم قال المحقق رحمه الله: وفي وجوب التجديد إشكال، وقال العلامة قدس سره إذا تاب المكلف عن معصية ثم ذكرها هل يجب عليه تجديد التوبة؟ قال أبو علي: نعم بناءا على أن المكلف القادر بقدرة لا ينفك عن الضدين، إما الفعل، أو الترك، فعند ذكر المعصية إما أن يكون نادما عليها، أو مصرا عليها، والثاني قبيح فيجب الأول.
وقال أبو هاشم: لا يجب لجواز خلو القادر بقدرة عنهما.
ثم قال المحقق: وكذا المعلول مع العلة. وقال الشارح: إذا فعل المكلف العلة قبل وجود المعلول هل يجب عليه الندم على المعلول، أو على العلة، أو عليهما؟ مثاله الرامي إذا رمي قبل الإصابة، قال الشيوخ: عليه الندم على الإصابة لأنها هي القبيح، وقد صارت في حكم الموجود، لوجوب حصوله عند حصول السبب، وقال القاضي: يجب عليه ندمان أحدهما على الرمي لأنه قبيح، والثاني على كونه مولدا للقبيح، ولا يجوز أن يندم على المعلول، لان الندم على القبيح إنما هو لقبحه، وقبل وجوده لا قبح.

(1) هو عبد الجبار المعتزلي، ابن أحمد بن عبد الجبار الهمداني الأسد آبادي، شيخ معتزلة عصره، المتوفي سنه 415.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316