بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٤٣
وقال العلامة رحمه الله في شرحه: التوبة هي الندم على المعصية لكونها معصية، والعزم على ترك المعاودة في المستقبل لان ترك العزم يكشف عن نفي الندم، وهي واجبة بالاجماع، لكن اختلفوا فذهب جماعة من المعتزلة إلى أنها تجب من الكبائر المعلوم كونها كبائر أو المظنون فيها ذلك، ولا تجب من الصغائر المعلوم أنها صغائر، وقال آخرون: إنها لا تجب من ذنوب تاب عنها من قبل، وقال آخرون: إنها تجب من كل صغير وكبير من المعاصي، أو الاخلال بالواجب، سواء تاب منها قبل أو لم يتب.
وقد استدل المصنف على وجوبها بأمرين: الأول أنها دافعة للضرر الذي هو العقاب أو الخوف فيه، ودفع الضرر واجب. الثاني أنا نعلم قطعا وجوب الندم على فعل القبيح أو الاخلال بالواجب، إذا عرفت هذا فنقول: إنها تجب من كل ذنب، لأنها تجب من المعصية لكونها معصية، ومن الاخلال بواجب لكونه كذلك، وهذا عام في كل ذنب وإخلال بواجب. انتهى.
أقول: ظاهر كلامه وجوب التوبة عن الذنب الذي تاب منه، ولعله نظر إلى أن الندم على القبيح واجب في كل حال وكذا ترك العزم على الحرام واجب دائما، وفيه أن العزم على الحرام ما لم يأت به لا يترتب عليه إثم، كما دلت عليه الأخبار الكثيرة، إلا أن يقول: إن العفو عنه تفضلا لا ينافي كونه منهيا عنه كالصغائر المكفرة، وأما الندم على ما صدر عنه فلا نسلم وجوبه بعد تحقق الندم سابقا وسقوط العقاب، وإن كان القول بوجوبه أقوى.
الثاني: اختلف المتكلمون في أنه هل تتبعض التوبة أم لا، والأول أقوى لعموم النصوص وضعف المعارض.
قال المحقق في التجريد: ويندم على القبيح لقبحه، وإلا انتفت، وخوف النار إن كان الغاية فكذلك، وكذا الاخلال، فلا تصح من البعض، ولا يتم القياس على الواجب، ولو اعتقد فيه الحسن صحت وكذا المستحقر، والتحقيق أن ترجيح الداعي إلى الندم عن البعض يبعث عليه، وإن اشترك الداعي في الندم على القبيح كما في الداعي إلى الفعل، ولو اشترك الترجيح اشترك وقوع الندم، وبه يتأول كلام أمير المؤمنين وأولاده
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316