بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٤٦
الثالث: اعلم أن العزم على عدم العود إلى الذنب فيما بقي من العمر لابد منه في التوبة كما عرفت، وهل إمكان صدوره منه في بقية العمر شرط، حتى لو زنى ثم جب (1) وعزم على أن يعود إلى الزنا على تقدير قدرته عليه لم تصح توبته، أم ليس بشرط فتصح؟
الأكثر على الثاني، بل نقل بعض المتكلمين إجماع السلف عليه، وأولى من هذا بصحة التوبة من تاب في مرض مخوف غلب على ظنه الموت فيه وأما التوبة عند حضور الموت وتيقن الفوت وهو المعبر عنه بالمعاينة فقد انعقد الاجماع على عدم صحتها، وقد مر ما يدل عليه من الآيات والاخبار.
الرابع: في أنواع التوبة، قال العلامة رحمه الله: التوبة إما أن تكون من ذنب يتعلق به تعالى خاصة، أو يتعلق به حق الآدمي.
والأول إما أن يكون فعل قبيح كشرب الخمر والزنا، أو إخلالا بواجب كترك الزكاة والصلاة، فالأول يكفي في التوبة منه الندم عليه والعزم على ترك العود إليه.
وأما الثاني فتختلف أحكامه بحسب القوانين الشرعية، فمنه ما لابد مع التوبة من فعله أداءا كالزكاة، ومنه ما يجب معه القضاء كالصلاة، ومنه ما يسقطان عنه كالعيدين، وهذا الأخير يكفي فيه الندم والعزم على ترك المعاودة كما في فعل القبيح، وأما ما يتعلق به حق الآدمي فيجب فيه الخروج إليهم منه، فإن كان أخذ مال وجب رده على مالكه أو ورثته إن مات، ولو لم يتمكن من ذلك وجب العزم عليه، وكذا إن كان حد قذف، وإن كان قصاصا وجب الخروج إليهم منه، بأن يسلم نفسه إلى أولياء المقتول فإما أن يقتلوه أو يعفوا عنه بالدية أو بدونها، وإن كان في بعض الأعضاء وجب تسليم نفسه ليقتص منه في ذلك العضو إلى المستحق من المجني عليه أو الورثة، وإن كان إضلالا وجب إرشاد من أضله ورجوعه مما اعتقده بسببه من الباطل إن أمكن ذلك. واعلم إن هذه التوابع ليست أجزاءا من التوبة فإن العقاب سقط بالتوبة، ثم إن قام المكلف بالتبعات كان ذلك إتماما للتوبة من جهة المعنى لان ترك التبعات لا يمنع من سقوط العقاب بالتوبة عما تاب منه، بل يسقط العقاب ويكون ترك القيام بالتبعات بمنزلة ذنوب مستأنفة يلزمه التوبة منها، نعم التائب إذا فعل التبعات بعد إظهار توبته كان ذلك دلالة

(1) أي استؤصل ذكره وخصياه.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316