بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٤٥
العظيم كعدمه حتى تاب فاعل القبيح عن العظيم فإنه تقبل توبته، ومثال ذلك أن الانسان إذا قتل ولد غيره وكسر له قلما ثم تاب وأظهر الندم على قتل الولد دون كسر القلم فإنه تقبل توبته، ولا يعتد العقلاء بكسر القلم وإن كان لابد من أن يندم على جميع إساءته، وكما أن كسر القلم حال قتل الولد لا يعد إساءة فكذا العزم.
ثم قال رحمه الله: ولما فرغ من تقرير كلا م أبي هاشم ذكر التحقيق في هذا المقام، وتقريره أن نقول: الحق أنه يجوز التوبة عن قبيح دون قبيح لان الافعال تقع بحسب الدواعي، وتنتفي الصوارف فإذا ترجح الداعي وقع الفعل. إذا عرفت هذا فنقول: يجوز أن يرجح فاعل القبائح دواعيه إلى الندم على بعض القبائح دون بعض، وإن كانت القبائح مشتركة في أن الداعي يدعو إلى الندم عليها، وذلك بأن يقترن ببعض القبائح قرائن زائدة كعظم الذنب، أو كثرة الزواجر عنه، أو الشناعة عند العقلاء عند فعله، ولا تقترن هذه القرائن ببعض القبائح فلا يندم عليها، وهذا كما في دواعي الفعل فإن الأفعال الكثيرة قد تشترك في الدواعي، ثم يؤثر صاحب الدواعي بعض تلك الأفعال على بعض، بأن يترجح دواعيه إلى ذلك الفعل بما يقترن به من زيادة الدواعي، فلا استبعاد في كون قبح الفعل داعيا إلى العدم ثم يقترن ببعض القبائح زيادة الدواعي إلى الندم عليه فيرجح لأجلها الداعي إلى الندم على ذلك البعض، ولو اشتركت القبائح في قوة الدواعي اشتركت في وقوع الندم عليها ولم يصح الندم على البعض دون الآخر، وعلى هذا ينبغي أن يحمل كلام أمير المؤمنين علي عليه السلام وكلام أولاده كالرضا وغيره عليهم السلام حيث نقل عنهم نفي تصحيح التوبة عن بعض القبائح دون بعض، لأنه لولا ذلك لزم خرق الاجماع والتالي باطل فالمقدم مثله، بيان الملازمة أن الكافر إذا تاب عن كفره وأسلم وهو مقيم على الكذب إما أن يحكم بإسلامه وتقبل توبته من الكفر أولا، والثاني خرق الاجماع لاتفاق المسلمين على إجراء حكم المسلم عليه، والأول هو المطلوب، وقد التزم أبو هاشم استحقاقه عقاب الكفر وعدم قبول توبته وإسلامه، ولكن لا يمتنع إطلاق اسم الاسلام عليه.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316