يعني يخادعون رسول الله صلى الله عليه وآله بأيمانهم خلاف ما في جوانحهم " والذين آمنوا " كذلك أيضا الذين سيدهم وفاضلهم علي بن أبي طالب عليه السلام. ثم قال:
" وما يخدعون إلا أنفسهم " ما يضرون بتلك الخديعة إلا أنفسهم فإن الله غني عنهم وعن نصرتهم، ولولا إمهاله لهم ما قروا على شئ من فجورهم وطغيانهم " وما يشعرون " أن الامر كذلك وأن الله يطلع نبيه على نفاقهم وكذبهم وكفرهم ويأمره بلعنهم في لعنة الظالمين الناكثين، وذلك اللعن لا يفارقهم، في الدنيا يلعنهم خيار عباد الله، وفي الآخرة يبتلون بشدائد عقاب الله " وإذا لقوا الذين آمنوا " إلى قوله: " يعمهون " قال موسى عليه السلام: وإذا لقي هؤلاء الناكثون للبيعة، المواطؤن (1) على مخالفة علي عليه السلام ودفع الامر عنه، الذين آمنوا قالوا آمنا كإيمانكم، إذا لقوا سلمان والمقداد و أبا ذر وعمار قالوا آمنا بمحمد وسلمنا له بيعة علي وفضله كما آمنتم، وأن أولهم وثانيهم وثالثهم إلى تاسعهم ربما كانوا يلتقون في بعض طرقهم مع سلمان وأصحابه فإذا لقوهم اشمأزوا منهم وقالوا: هؤلاء أصحاب الساحر والأهوج - يعنون محمدا و عليا عليهما السلام - فيقول أولهم: انظروا كيف أسخر منهم وأكف عاديتهم عنكم، فإذا التقوا قال أولهم: مرحبا بسلمان بن الاسلام، ويمدحه بما قال النبي صلى الله عليه وآله فيه، وكذا كان يمدح تمام الأربعة، فلما جازوا عنهم كان يقول الأول كيف رأيتم سخريتي لهؤلاء وكفي عاديتهم عني وعنكم، فيقول له: لا نزال بخير ما عشت لنا، فيقول لهم: فهكذا فلتكن معاملتكم لهم إلى أن تنتهزوا الفرصة فيهم مثل هذا، فإن اللبيب العاقل من تجرع على الغصة حتى ينال الفرصة، ثم يعودون إلى أخدانهم من المنافقين المتمردين المشاركين لهم في تكذيب رسول الله صلى الله عليه وآله فيما أداه إليهم عن الله عز وجل من ذكر تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام ونصبه إماما على كافة المسلمين، قالوا لهم: إنا معكم فيما واطأناكم عليه من دفع علي عن هذا الامر إن كانت لمحمد كائنة، فلا يغرنكم ولا يهولنكم ما تسمعونه منا من تقريظهم وترونا نجترئ عليهم من مداراتهم فإنا نحن مستهزؤون بهم، فقال الله عز وجل: " الله يستهزئ بهم " يجازيهم جزاء استهزائهم في الدنيا