بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٤٤
عليهم السلام، وإلا لزم الحكم ببقاء الكفر على التائب منه، المقيم على صغيرة.
وقال العلامة: اختلف شيوخ المعتزلة هنا فذهب أبو هاشم (1) إلى أن التوبة لا تصح من قبيح دون قبيح، وذهب أبو علي (2) إلى جواز ذلك، والمصنف رحمه الله استدل على مذهب أبي هاشم بأنا قد بينا بأنه يجب أن يندم على القبيح لقبحه، ولولا ذلك لم تكن مقبولة، والقبح حاصل في الجميع، فلو تاب من قبيح دون قبيح كشف ذلك عن كونه تائبا عنه لا لقبحه، واحتج أبو علي بأنه لو لم تصح التوبة من قبيح دون قبيح لم يصح الاتيان بواجب دون واجب، والتالي باطل، بيان الشرطية أنه كما يجب عليه ترك القبيح لقبحه كذا يجب عليه فعل الواجب لوجوبه فلو لزم من اشتراك القبائح في القبح عدم صحة التوبة من بعضها لزم من اشتراك الواجبات في الوجوب عدم صحة الاتيان بواجب دون آخر، وأما بطلان التالي فبالاجماع، إذ لا خلاف في صحة صلاة من أخل بالصوم.
وأجاب أبو هاشم بالفرق بين ترك القبيح لقبحه، وفعل الواجب لوجوبه بالتعميم في الأول دون الثاني، فإن من قال لا آكل الرمانة لحموضتها فإنه لا يقدم على أكل كل حامض لاتحاد الجهة في المنع، ولو أكل الرمانة لحموضتها لم يلزم أن يأكل كل رمانة حامضة فافترقا.
وإليه أشار المصنف رحمه الله، ولا يتم القياس على الواجب أي لا يتم قياس ترك القبيح لقبحه على فعل الواجب لوجوبه، وقد تصح التوبة من قبيح دون قبيح إذا اعتقد التائب في بعض القبائح أنها حسنة وتاب عما يعتقده قبيحا، فإنه تقبل توبته لحصول الشرط فيه، وهو ندمه على القبيح لقبحه، وإذا كان هناك فعلان أحدهما عظيم القبح والآخر صغيره وهو مستحقر بالنسبة إليه حتى لا يكون معتدا به، ويكون وجوده بالنسبة إلى

(1) هو عبد السلام بن أبي على محمد بن عبد الوهاب، يلقب هو وأبوه أبو علي بالجبائي، وكلاهما من رؤساء المعتزلة ولهما مقالات في الكلام على مذهب الاعتزال، توفى أبو هاشم سنة 321.
وكانت ولادته سنة 247.
(2) أي محمد بن عبد الوهاب الجبائي المتوفى سنة 303، وقد أوعزنا سابقا إلى ترجمته.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316