لمن وراءه ينعمون بها (1) فيكون المهنأ لغيره، (2) والعبء على ظهره، والمرء قد غلقت رهونه بها، يعض يده ندامة على ما أصحر له عند الموت من أمره، ويزهد فيما كان يرغب فيه أيام عمره، ويتمنى أن الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها قد حازها دونه، فلم يزل الموت يبالغ في جسده حتى خالط سمعه، (3) فصار بين أهله لا ينطق بلسانه ولا يسمع بسمعه، يردد طرفه بالنظر في وجوههم، يرى حركات ألسنتهم ولا يسمع رجع كلامهم، ثم ازداد الموت التياطا فقبض بصره كما قبض سمعه، وخرجت الروح من جسده فصار جيفة بين أهله، قد أوحشوا من جانبه، وتباعدوا من قربه، لا يسعد باكيا ولا يجيب داعيا، ثم حملوه إلى مخط من الأرض، (4) وأسلموه فيه إلى عمله، وانقطعوا عن زورته حتى إذا بلغ الكتاب أجله. إلى آخر ما سيأتي في باب صفة المحشر.
بيان: ما كانوا يجهلون أي من تفصيل أهواله وسكراته أو لعدم استعدادهم له كأنهم جاهلون، والولوج: الدخول: والمصرحات: يحتمل الحلال الصريح والحرام الصريح، والعبء بالكسر: الحمل، (5) ويقال: غلق الرهن يغلق غلوقا: إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على فكه، على ما أصحر له أي انكشف، وأصله الخروج إلى الصحراء، والضمير في أمره راجع إلى الموت أو المرء، ولا يسمع رجع كلامهم أي ما يتراجعونه بينهم من الكلام، والالتياط: الالتصاق، قد أوحشوا من جانبه أي وجعلوا مستوحشين، والمستوحش: المهموم الفزع.
34 - الكافي: العدة، عن سهل، (6) عن محمد بن الفضيل، عن أ بي حمزة قال: سمعت