لنا الموت، فقال: على الخبير سقطتم، هو أحد ثلاثة أمور يرد عليه: إما بشارة بنعيم الأبد، وإما بشارة بعذاب الأبد، وإما تحزين (1) وتهويل وأمره مبهم، لا تدري من أي الفرق هو، فأما ولينا المطيع لامرنا فهو المبشر بنعيم الأبد، وأما عدونا الخالف علينا فهو المبشر بعذاب الأبد، وأما المبهم أمره الذي لا يدرى ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري ما يؤول إليه حاله، يأتيه الخبر مبهما مخوفا، ثم لن يسويه الله عز وجل بأعدائنا لكن يخرجه من النار بشفاعتنا، فاعملوا وأطيعوا ولا تتكلوا (2) ولا تستصغروا عقوبة الله عز وجل فإن من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلا بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة.
وسئل الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام: ما الموت الذي جهلوه؟ قال: أعظم سرور يرد على المؤمنين إذا نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الأبد، وأعظم ثبور يرد على الكافرين إذا نقلوا عن جنتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفد.
وقال علي بن الحسين عليهما السلام: لما اشتد الامر بالحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم لأنهم كلما اشتد الامر تغيرت ألوانهم و ارتعدت فرائصهم ووجلت قلوبهم، وكان الحسين صلوات الله عليه وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم، وتهدئ جوارحهم، وتسكن نفوسهم، فقال بعضهم لبعض:
انظروا لا يبالي بالموت! فقال لهم الحسين عليه السلام: صبرا بني الكرام! فما الموت إلا قنطرة يعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسطة والنعيم الدائمة، فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ وما هو لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب، إن أبي حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم، ما كذبت ولا كذبت.