فما رأيت شخوصه؟ (1) قلت: بلى، قال: فإنما ينظر إليهم قال: قلت: جعلت فداك قد يشخص المؤمن الكافر، قال: ويحك إن الكافر يشخص منقلبا إلى خلفه لان ملك الموت إنما يأتيه ليحمله من خلفه، والمؤمن أمامه، وينادي روحه مناد من قبل رب العزة من بطنان العرش فوق الأفق الاعلى ويقول: يا أيتها النفس المطمئنة إلى محمد وآله - صلوات الله عليهم - ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي، فيقول ملك الموت: إني قد أمرت أن أخيرك الرجوع إلى الدنيا والمضي، فليس شئ أحب إليه من إسلال روحه. (2) " ص 210 " 33 - نهج البلاغة: لا ينزجر من الله بزاجر، ولا يتعظ منه بواعظ، وهو يرى المأخوذين على الغرة (3) حيث لا إقالة ولا رجعة كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون، وجاءهم من فراق الدنيا ما كانوا يأمنون، (4) وقدموا من الآخرة على ما كانوا يوعدون، فغير موصوف ما نزل بهم، (5) اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرة الفوت، ففترت لها أطرافهم، و تغيرت لها ألوانهم، ثم ازداد الموت فيهم ولوجا فحيل بين أحدهم وبين منطقه، وإنه لبين أهله ينظر ببصره ويسمع باذنه على صحة من عقله وبقاء من لبه، ويفكر فيم أفنى عمره؟ وفيم أذهب دهره؟ ويتذكر أموالا جمعها أغمض في مطالبها، (6) وأخذها من مصرحاتها (7) ومشتبهاتها، قد لزمته تبعات جمعها، (8) وأشرف على فراقها، تبقى
(١٦٤)