بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ١٦٨
فالموت هو مضاد الحياة، يبطل معه النمو، ويستحيل معه الاحساس، وهو من فعل الله تعالى، ليس لأحد فيه صنع، ولا يقدر عليه أحد إلا الله تعالى، قال الله سبحانه:
" وهو الذي يحيى ويميت " (1) فأضاف الاحياء والإماتة إلى نفسه، وقال: " الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا " (2) فالحياة ما كان بها النمو والاحساس، ويصح معها القدرة والعلم، والموت ما استحال معه النمو والاحساس، ولم يصح معه القدرة والعلم، وفعل الله تعالى الموت بالاحياء لنقلهم من دار العمل والامتحان إلى دار الجزاء والمكافأة، وليس يميت الله عبدا إلا وإماتته أصلح له من بقائه، ولا يحييه إلا وحياته أصلح له من موته، وكل ما يفعله الله تعالى بخلقه فهو أصلح لهم وأصوب في التدبير، وقد يمتحن الله تعالى كثيرا من خلقه بالآلام الشديدة قبل الموت ويعفي آخرين من ذلك، وقد يكون الألم المتقدم للموت ضربا من العقوبة لمن حل به، ويكون استصلاحا له ولغيره، ويعقبه نفعا عظيما وعوضا كثيرا، وليس كل من صعب عليه خروج نفسه كان بذلك معاقبا، ولا كل من سهل عليه الامر في ذلك كان به مكرما مثابا، وقد ورد الخبر (3) بأن الآلام التي تتقدم الموت تكون كفارات لذنوب المؤمنين، وتكون عقابا للكافرين، وتكون الراحة قبل الموت استدراجا للكافرين، وضربا من ثواب المؤمنين، وهذا أمر مغيب عن الخلق، لم يظهر الله تعالى أحدا من خلقه على إرادته فيه، تنبيها له حتى يميز له حال الامتحان من حال العقاب، وحال الثواب من حال الاستدراج، تغليظا للمحنة ليتم التدبير الحكمي في الخلق.
فأما ما ذكره أبو جعفر من أحوال الموتى بعد وفاتهم فقد جاءت الآثار به على التفصيل، وقد أورد بعض ما جاء في ذلك إلا أنه ليس مما ترجم به الباب في شئ، و الموت على كل حال أحد بشارات المؤمن، إذ كان أول طرقه إلى محل النعيم، وبه يصل إلى ثواب الأعمال الجميلة في الدنيا، وهو أول شدة تلحق الكافر من شدائد العقاب

(١) المؤمن: ٦٨.
(٢) الملك: ٢.
(3) تقدم في الباب أخبار عديدة تدل على ذلك.
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316