لا تأخذ من ماله إلا بإذنه، أو بإذن الأب لان الأب مأخوذ بنفقة الولد، ولا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها.
والعلة في أن البينة في جميع الحقوق على المدعي واليمين على المدعى عليه ما خلا الدم لان المدعى عليه جاحد، ولا يمكن إقامة البينة على الجحود لأنه مجهول، وصارت البينة في الدم على المدعي عليه واليمين على المدعي لأنه حوط يحتاط به المسلمون لئلا يبطل دم امرئ مسلم، وليكون ذلك زاجرا وناهيا للقاتل، لشدة إقامة لبينة عليه لان من يشهد على أنه لم يفعل قليل.
وأما علة القسامة أن جعلت خمسين رجلا فلما في ذلك من التغليظ والتشديد والاحتياط لئلا يهدر دم امرئ مسلم.
وعلة قطع اليمين من السارق لأنه يباشر الأشياء غالبا بيمينه وهي أفضل أعضائه " وأنفعها له فجعل قطعها نكالا وعبرة للخلق لئلا يبتغوا أخذ الأموال من غير حلها، ولأنه أكثر ما يباشر السرقة بيمينه.
وحرم غصب الأموال وأخذها من غير حلها لما فيه من أنواع الفساد، والفساد محرم لما فيه من الفناء وغير ذلك من وجوه الفساد.
وحرم السرقة لما فيها من فساد الأموال وقتل الأنفس لو كانت مباحة، ولما يأتي في التغاصب من القتل والتنازع والتحاسد، وما يدعوا إلى ترك التجارات والصناعات في المكاسب، واقتناء الأموال إذا كان الشئ المقتنى لا يكون أحد أحق به من أحد.
وعلة ضرب الزاني على جسده بأشد الضرب لمباشرته الزنا واستلذاذ الجسد كله به فجعل الضرب عقوبة له وعبرة لغيره وهو أعظم الجنايات.
وعلة ضرب القاذف وشارب الخمر ثمانين جلدة لان في القذف نفي الولد، وقطع النسل، وذهاب النسب، وكذلك شارب الخمر لأنه إذا شرب هذى وإذا هذى افترى فوجب حد المفتري.
وعلة القتل بعد إقامة الحد في الثالثة على الزاني والزانية لاستخفافهما وقلة مبالاتهما بالضرب حتى كأنهما مطلق لهما ذلك الشئ، وعلة أخرى أن المستخف بالله وبالحد كافر فوجب عليه القتل لدخوله في الكفر.