وحرم الله عز وجل عقوق الوالدين لما فيه من الخروج عن التوقير (1) لطاعة الله عز وجل، والتوقير للوالدين، وتجنب كفر النعمة، وإبطال الشكر وما يدعو من ذلك إلى قلة النسل وانقطاعه، لما في العقوق من قلة توقير الوالدين والعرفان بحقهما، وقطع الأرحام، والزهد من الوالدين في الولد، وترك التربية لعلة ترك الولد برهما.
وحرم الزنا لما فيه من الفساد من قتل الأنفس، وذهاب الأنساب، وترك التربية للأطفال، وفساد المواريث، وما أشبه ذلك من وجوه الفساد.
وحرم أكل مال اليتيم ظلما لعلل كثيرة من وجوه الفساد، أول ذلك أنه إذا أكل الانسان مال اليتيم ظلما فقد أعان على قتله إذ اليتيم غير مستغن، ولا محتمل لنفسه، ولا عليم بشأنه، ولا له من يقوم عليه ويكفيه كقيام والديه، فإذا أكل ماله فكأنه قد قتله وصيره إلى الفقر والفاقة، مع ما خوف الله تعالى وجعل من العقوبة في قوله عز وجل:
" وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله " وكقول أبي جعفر عليه السلام: إن الله وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين: عقوبة في الدنيا، وعقوبة في الآخرة ففي تحريم مال اليتيم استغناء اليتيم (2) واستقلاله بنفسه، والسلامة للعقب أن يصيبه ما أصابه، لما وعد الله تعالى فيه من العقوبة، مع ما في ذلك من طلب اليتيم بثاره إذا أدرك، ووقوع الشحناء والعداوة والبغضاء حتى يتفانوا.
وحرم الله تعالى الفرار من الزحف لما فيه من الوهن في الدين، والاستخفاف بالرسل، والأئمة العادلة عليهم السلام، وترك نصرتهم على الأعداء، والعقوبة لهم على إنكار ما دعوا إليه من الاقرار بالربوبية وإظهار العدل وترك الجور وإماتة الفساد، لما في ذلك من جرأة العدو على المسلمين وما يكون في ذلك من السبي والقتل، وإبطال دين الله عز وجل وغيره من الفساد.
وحرم التعرب بعد الهجرة للرجوع عن الدين، وترك المؤازرة للأنبياء والحجج عليهم السلام، وما في ذلك من الفساد، وإبطال حق كل ذي حق لا لعلة سكنى البدو،