بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٨٧
عن عبد الصمد بن بشير، (1) عن فضيل بن سكرة (2) قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:
جعلت فداك إن رأيت أن تعلمني، هل كان الله جل ذكره يعلم قبل أن يخلق الخلق أنه وحده؟ فقد اختلف مواليك، فقال بعضهم: قد كان يعلم تبارك وتعالى أنه وحده قبل أن يخلق شيئا من خلقه، وقال بعضهم: إنما معنى يعلم يفعل، فهو اليوم يعلم أنه لا غيره قبل فعل الأشياء، وقالوا: إن أثبتنا أنه لم يزل عالما بأنه لا غيره فقد أثبتنا معه غيره في أزليته، فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني مالا أعدوه إلى غيره، فكتب عليه السلام: ما زال الله عالما تبارك وتعالى ذكره.
بيان: قوله عليه السلام: إنما معنى يعلم يفعل أي أن تعلق علمه تعالى بشئ يوجب وجود ذلك الشئ وتحققه، فلو كان لم يزل عالما كان لم يزل فاعلا فكان معه شئ في الأزل، أو أن تعلق العلم بشئ يستدعي انكشاف ذلك الشئ، وانكشاف الشئ يستدعي نحو حصول له، وكل حصول ووجود لغيره سبحانه مستند إليه فيكون من فعله فيكون معه في الأزل شئ من فعله. فأجاب عليه السلام بأنه لم يزل عالما، ولم يلتفت إلى بيان فساد متمسك نافيه إما لظهوره أو لتعليم أنه لا ينبغي الخوض في تلك المسائل المتعلقة بذاته وصفاته تعالى فإنها مما تقصر عنه الافهام وتزل فيه الاقدام ثم اعلم أن من ضروريات المذهب كونه تعالى عالما أزلا وأبدا بجميع الأشياء كلياتها وجزئياتها من غير تغير في علمه تعالى، وخالف في ذلك جمهور الحكماء فنفوا العلم بالجزئيات عنه تعالى، (3) ولقدماء الفلاسفة في العلم مذاهب غريبة:
منها أنه تعالى لا يعلم شيئا أصلا، ومنها أنه لا يعلم ما سواه ويعلم ذاته، وذهب بعضهم إلى العكس، ومنها أنه لا يعلم جميع ما سواه وإن علم بعضه، ومنها أنه لا يعلم الأشياء إلا بعد وقوعها، ونسب الأخير إلى أبي الحسين البصري وهشام بن الحكم كما

(1) العرامى العبدي، مولاهم كوفي، ثقة ثقة، روى عن أبي عبد الله عليه السلام، له كتاب، قاله النجاشي.
(2) بضم السين المهملة، وفتح الكاف المشددة، والراء المهملة والهاء، الأسدي الامامي، يظهر من بعض الروايات حسن حاله.
(3) وهذا الذي سيطعن فيه في ذيل كلامه بأنه كفر صريح هو بعينه ما أورده في بيان الخبر (18) من باب نفى التركيب وارتضاه، وعلى الجملة كل من صور علمه تعالى بنحو العلم الحصولي كالمتكلمين وبعض الحكماء لا مناص له من الالتزام بالعلم الكلى.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322