بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٣٠
ورفع الايجاب الكلي سلب جزئي، ولو لم يكن للعموم كان قوله: لا تدركه الابصار سالبة مهملة في قوة الجزئية، فكان المعني لا تدركه بعض الابصار، ونحن نقول بموجبة حيث لا يراه الكافرون، ولو سلم فلا نسلم عمومه في الأحوال والأوقات فيحمل على نفي الرؤية في الدنيا جمعا بين الأدلة.
والجواب أنه قد تقرر في موضعه أن الجمع المحلى باللام عام نفيا وإثباتا في المنفي والمثبت كقوله تعالى: " وما الله يريد ظلما للعباد " و " ما علي المحسنين من سبيل " حتى أنه لم يرد في سياق النفي في شئ من الكتاب الكريم إلا بمعنى عموم النفي، ولم يرد لنفي العموم أصلا، نعم قد اختلف في النفي الداخل علي لفظة كل لكنه في القرآن المجيد أيضا بالمعنى الذي ذكرنا كقوله تعالي: " والله لا يحب كل مختال فخور " إلي غير ذلك، وقد اعترف بما ذكرنا في شرح المقاصد وبالغ فيه، وأما منع عموم الأحوال والأوقات فلا يخفى فساده فإن النفي المطلق الغير المقيد لاوجه لتخصيصه ببعض الأوقات إذ لا ترجيح لبعضها على بعض، وهو أحد الأدلة على العموم عند علماء الأصول، وأيضا صحة الاستثناء دليل عليه، وهل يمنع أحد صحة قولنا: ما كلمت زيدا إلا يوم الجمعة، ولا أكلمه إلا يوم العيد؟ وقال تعالى: " ولا تعضلوهن " إلى قوله: " إلا أن يأتين " وقال: " ولا تخرجوهن " إلي قوله " إلا أن يأتين " وأيضا كل نفي ورد في القرآن بالنسبة إلى ذاته تعالى فهو للتأبيد وعموم الأوقات لا سيما فيما قبل هذه الآية، وأيضا عدم إدراك الابصار جميعا لشئ لا يختص بشئ من الموجودات خصوصا مع اعتبار شمول الأحوال والأوقات فلا يختص به تعالى فتعين أن يكون التمدح بعدم إدراك شئ من الابصار له في شئ من الأوقات.
وثانيهما: أنه تعالى تمدح بكونه لا يرى فإنه ذكره في أثناء المدائح، وما كان من الصفات عدمه مدحا كان وجوده نقصا يجب تنزيه الله تعالى عنه، وإنما قلنا من الصفات احترازا عن الافعال كالعفو والانتقام فإن الأول تفضل، والثاني عدل، وكلاهما كمال.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322