بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٢٢٢
وسمها به من العجز على قدرته، وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه، لم يخل منه مكان فيدرك بأينية، ولاله شبح مثال فيوصف بكيفية، ولم يغب عن شئ فيعلم بحيثية مبائن لجميع ما أحدث في الصفات، وممتنع عن الادراك بما ابتدع من تصريف الذوات، وخارج بالكبرياء والعظمة من جميع تصرف الحالات، محرم على بوارع ناقبات الفطن تحديده، وعلى عوامق ثاقبات الفكر تكييفه، وعلى غوائص سابحات النظر تصويره، لا تحويه الأماكن لعظمته، ولا تذرعه المقادير لجلاله، ولا تقطعه المقائيس لكبريائه، ممتنع عن الأوهام أن تكتنهه، وعن الافهام أن تستغرقه، وعن الأذهان أن تمتثله، وقد يئست من استنباط الإحاطة به طوامح العقول، ونضبت عن الإشارة إليه بالاكتناه بحار العلوم، ورجعت بالصغر عن السمو إلى وصف قدرته لطائف الخصوم، واحد لامن عدد، ودائم لا بأمد، وقائم لا بعمد، وليس بجنس فتعادله الأجناس، ولا بشبح فتضارعه الأشباح، ولا كالأشياء فتقع عليه الصفات، قد ضلت العقول في أمواج تيار إدراكه، و تحيرت الأوهام عن إحاطة ذكر أزليته، وحصرت الافهام عن استشعار وصف قدرته، وغرقت الأذهان في لجج أفلاك ملكوته، مقتدر بالآلاء، وممتنع بالكبرياء، ومتملك على الأشياء، فلا دهر يخلقه، ولا وصف يحيط به، قد خضعت له رواتب الصعاب في محل تخوم قرارها، وأذعنت له رواصن الأسباب في منتهى شواهق أقطارها، مستشهد بكلية الأجناس على ربوبيته، وبعجزها على قدرته، وبفطورها على قدمته، وبزوالها على بقائه، فلا لها محيص عن إدراكه إياها، ولا خروج من إحاطته بها، ولا احتجاب عن إحصائه لها، ولا امتناع من قدرته عليها، كفى بإتقان الصنع لها آية، وبمركب الطبع عليها دلالة، وبحدوث الفطر عليها قدمة، وبأحكام الصنعة لها عبرة، فلا إليه حد منسوب، ولاله مثل مضروب، ولا شئ عنه بمحجوب، تعالى عن ضرب الأمثال والصفات المخلوقة علوا كبيرا، وأشهد أن لا إله إلا هو إيمانا بربوبيته، وخلافا على من أنكره، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، المقر في خير مستقر، المتناسخ من أكارم الأصلاب ومطهرات الأرحام، المخرج من أكرم المعادن محتدا، وأفضل المنابت منبتا، من أمنع ذروة (1) و

(1) " أمنع " من منع جاره أي حامى عنه وصانه من أن يضام، أو من منع الحصن أي تعسر الوصول إليه، يقال: مكان منيع، ويقال: امرأة منيعة كناية عن العفيفة. والذروة بضم الذال وكسرها وسكون الراء: العلو والمكان المرتفع وأعلى الشئ، ولعله إشارة إلى شرف والدته صلى الله عليه وآله وسلم ومجدها وعلو نسبها وحسبها وقداستها وشدة عفتها.
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322