التقديرين: أن العقل يحكم بأن كل حادث يحتاج إلى موجد، وأنه لابد من أن تنتهي سلسلة الاحتياج إلى من لا يحتاج إلى موجد فيحكم بأن علة العلل لابد أن يكون أزليا، وإلا لكان محتاجا إلى موجد آخر بحكم المقدمة الأولى.
وبما وسمها به من العجز على قدرته الوسم: الكي، شبه عليه السلام ما أظهر عليها من آثار العجز والامكان والاحتياج بالسمة التي تكون على العبيد والنعم وتدل على كونها مقهورة مملوكة. وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه إذ فناؤها يدل على إمكانها وحدوثها فيدل على احتياجها إلى صانع ليس كذلك.
لم يخل منه مكان فيدرك بأينية أي ليس ذا مكان حتى يكون في مكان دون مكان كما هو من لوازم المتمكنات فيدرك بأنه ذو أين ومكان، بل نسبة المجرد إلى جميع الأمكنة على السواء، ولم يخل منه مكان من حيث الإحاطة العلمية والعلية والحفظ والتربية، أو أنه لم يخل منه مكان حتى يكون إدراكه بالوصول إلى مكانه بل آثاره ظاهرة في كل شئ. ولاله شبح مثال فيوصف بكيفية إضافة الشبح بيانية، أي ليس له شبح مما ثل له لا في الخارج ولا في الأذهان فيوصف بأنه ذو كيفية من الكيفيات الجسمانية أو الامكانية ويحتمل أن يكون المراد بالكيفية: الصورة العلمية. ولم يغب عن شئ فيعلم بحيثية أي لم يغب عن شئ من حيث العلم حتى يعلم أنه ذو حيث ومكان إذ شأن المكانيات أن يغيبوا عن شئ فلا يحيطوا به علما فيكون كالتأكيد للفقرة السابقة، ويحتمل أن يكون " حيث " هنا للزمان، قال ابن هشام: قال الأخفش: وقد ترد حيث للزمان. أي لم يغب عن شئ بالعدم ليكون وجوده مخصوصا بزمان دون زمان، ويحتمل على هذا أن يكون إشارة إلى ما قيل: من أنه تعالى لما كان خارجا عن الزمان فجميع الأزمنة حاضرة عنده كخيط مع ما فيه من الزمانيات وإنما يغيب شئ عما لم يأت إذا كلام داخلا في الزمان. ويحتمل أن يكون الحيثية تعليلية أي لم يجهل شيئا فيكون علمه به معللا بعلة، وعلى هذا يمكن أن يقرأ يعلم على بناء المعلوم. وفي التوحيد: لم يغب عن علمه شئ وممتنع عن الادراك بما ابتدع من تصريف الذوات أي أظهر بما أبدع من الذوات