عنها صفحا لعدم موافقتها لأصولنا.
والأظهر عندي أن هذا الخبر موافق لما مر وسيأتي في كتاب العدل أيضا من أن المعرفة من صنعة تعالى وليس للعباد فيها صنع، وأنه تعالى يهبها لمن طلبها، ولم يقصر فيما يوجب استحقاق إفاضتها. والقول بأن غيره تعالى يقدر على ذلك نوع من الشرك في ربوبيته وإلهيته فإن التوحيد الخالص هو أن يعلم أنه تعالى مفيض جميع العلوم و الخيرات والمعارف والسعادات كما قال تعالى: " ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك " فالمراد بالحجاب إما أئمة الضلال وعلماء السوء الذين يدعون أنهم يعرفونه تعالى بعقولهم ولا يرجعون في ذلك إلى حجج الله تعالى فإنهم حجب يحجبون الخلق عن معرفته وعبادته تعالى، فالمعني أنه تعالى إنما يعرف بما عرف به نفسه للناس لا بأفكارهم وعقولهم أو أئمة الحق أيضا فإنه ليس شأنهم إلا بيان الحق للناس فأما إفاضة المعرفة والايصال إلى البغية فليس إلا من الحق تعالى كما قال سبحانه:
" إنك لا تهدي من أحببت " ويجري في الصورة والمثال ما مر من الاحتمالات فقوله عليه السلام: ليس بين الخالق والمخلوق شئ أي ليس بينه تعالى وبين خلقه حقيقة أو مادة مشتركة حتى يمكنهم معرفته من تلك الجهة، بل أو جدهم لا من شئ كان. قوله عليه السلام: غير الواصف يحتمل أن يكون المراد بالواصف الاسم الذي يصف الذات بمدلوله. قوله عليه السلام: فمن زعم أنه يؤمن بما لا يعرف أي لا يؤمن أحد بالله إلا بعد معرفته، والمعرفة لا يكون إلا منه تعالى فالتعريف من الله، والايمان والاذعان و عدم الانكار من الخلق، ويحتمل أن يكون المراد على بعض الوجوه السابقة بيان أنه وإن لم يعرف بالكنه لكن لا يمكن الايمان به إلا بعد معرفته بوجه من الوجوه فيكون المقصود نفي التعطيل، والأول أظهر، وهذه الفقرات كلها مؤيدة للمعني الأخير كما لا يخفي لمن تأمل فيها. ثم بين عليه السلام كون الأشياء إنما يحصل بمشيئته تعالى وأن إرادة الخلق لا يغلب إرادته تعالى كما سيأتي تحقيقه في كتاب العدل، والله الموفق 7 - التوحيد: ابن الوليد، عن الصفار، عن اليقطيني، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب،