بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ١٦٤
بأن جعل له مماثلا ومشابها من خلقه فهو مشرك لما عرفت مرارا من لزوم تركبه تعالى وكونه ذا حقائق مختلفة وذا أجزاء، تعالى الله عن ذلك، ويحتمل أن يكون إشارة إلى أنه لا يمكن الوصول إلى حقيقته تعالى بوجه من الوجوه لا بحجاب ورسول يبين ذلك، ولا بصورة عقلية ولا خيالية إذ لابد بين المعرف والمعرف من مماثلة وجهة اتحاد وإلا فليس ذلك الشئ معرفا أصلا، والله تعالى مجرد الذات عن كل ما سواه فحجابه ومثاله وصورته غيره من كل وجه إذ لا مشاركة بينه وبين غيره في جنس أو فصل أو مادة أو موضوع أو عارض، وإنما هو واحد موحد فرد عما سواه، فإنما يعرف الله بالله إذا نفى عنه جميع ما سواه وكل ما وصل إليه عقله كما مر أنه التوحيد الخالص.
وقال بعض المحققين: من زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال أي بحقيقة من الحقائق الامكانية كالجسم والنور، أو بصفة من صفاتها التي هي عليها كما أسند إلى القائلين بالصورة، أو بصفة من صفاتها عند حصولها في العقل كما في قول الفلاسفة في رؤية العقول المفارقة فهو مشرك لان الحجاب والصورة والمثال كلها مغائرة له غير محمولة عليه فمن عبد الموصوف بها عبد غيره فكيف يكون موحدا له عارفا به؟ إنما عرف الله من عرفه بذاته وحقيقته المسلوب عنه جميع ما يغايره فمن لم يعرفه به فليس يعرفه، إنما يكون يعرف غيره.
أقول: لا يخفى أن هذا الوجه وما أوردته سابقا من الاحتمالات التي سمحت بها قريحتي القاصرة لا يخلو كل منها من تكلف، (1) وقد قيل فيه وجوه أخر أعرضت

(١) ولقد أنصف رحمه الله في الاعتراف بأن الرواية لا تتضح بما أورده من الوجوه، وأما ما استظهره من أن المراد بها ما ورد في الاخبار من أنه لا صنع لغيره تعالى في المعرفة فهو أهون من الوجوه السابقة فان مدلول تلك الأخبار بيان أن الفاعل للمعرفة هو الله سبحانه وأما نفى الواسطة والوسيلة من البين فلا، كيف والقرآن صريح في أن التقوى والإنابة والتدبر والتفكر والتعقل وكذا الأنبياء والملائكة والأئمة وسائل لمعرفة الله في آيات كثيرة وقد قال في خصوص القرآن " يهدى به الله من اتبع رضوانه " الآية، فالروايات المذكورة لا تنفى الواسطة بهذا المعنى. وأما هذه الرواية فهي صريحة في نفى الواسطة، وفى أنه تعالى معروف بذاته وكل شئ سواه معروف معلوم به على خلاف ما اشتهر أن الأشياء تعرف بذاتها أو صفاتها أو آثارها وأن الله يعرف بالأشياء فالرواية تحتاج في بيانها إلى أصول علمية عالية غير الأصول الساذجة المعمولة المذكورة في الكتاب، ولايضاحها محل آخر. ط
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322