ثم بين المغايرة بأن اللفظ الذي يعبر به الألسن والخط الذي تعمله الأيدي فظاهر أنه مخلوق. قوله: والله غاية من غاياه اعلم أن الغاية تطلق على المدى والنهاية، وعلى امتداد المسافة، وعلى الغرض والمقصود من الشئ، وعلى الراية والعلامة. وهذه العبارة تحتمل وجوها:
الأول: أن تكون الغاية بمعنى الغرض والمقصود أي كلمة الجلالة مقصود من جعله مقصودا وذريعة من جعله ذريعة أي كل من كان له مطلب وعجز عن تحصيله بسعيه يتوسل إليه باسم الله. والمغيى - بالغين المعجمة والياء المثناة المفتوحة - أي المتوسل إليه بتلك الغاية غير الغاية، أو بالياء المكسورة أي الذي جعل لنا الغاية غاية هو غيرها، وفي بعض النسخ: " والمعنى " بالعين المهملة والنون أي المقصود بذلك التوسل، أو المعنى المصطلح غير تلك الغاية التي هي الوسيلة إليه.
الثاني: أن يكون المراد بالغاية النهاية، وبالله الذات لا الاسم أي الرب تعالى غاية آمال الخلق يدعونه عند الشدائد بأسمائه العظام، والمغيى بفتح الياء المشددة: المسافة ذات الغاية، والمراد هنا الأسماء فكأنها طرق ومسالك توصل الخلق إلى الله في حوائجهم، والمعنى أن العقل يحكم بأن الوسيلة غير المقصود بالحاجة، وهذا لا يلائمه قوله: " والغاية موصوفة " إلا بتكلف تام الثالث: أن يكون المراد بالغاية العلامة، وصحفت " غاياه " بغاياته أي علامة من علاماته، والمعنى أي المقصود أو المغيى أي ذو العلامة غيرها الرابع: أن يكون المقصود أن الحق تعالى غاية أفكار من جعله غاية وتفكر فيه، والمعنى المقصود أعني ذات الحق غير ما هو غاية أفكارهم ومصنوع عقولهم، إذ غاية ما يصل إليه أفكارهم ويحصل في أذهانهم موصوف بالصفات الزائدة الامكانية، وكل موصوف كذلك مصنوع.
الخامس: ما صحفه بعض الأفاضل حيث قرأ " عانة من عاناه " أي الاسم ملابس من لابسه. قال في النهاية: معاناة الشئ: ملابسته ومباشرته. أو مهم من اهتم به، من قولهم: عنيت به فأنا عان، أي اهتممت به واشتغلت. أو أسير من أسره، وفي النهاية: