كانت أسماؤه تعالى ترجع إلى أربعة لأنها إما أن تدل على الذات، أو الصفات الثبوتية الكمالية، أو السلبية التنزيهية، أو صفات الافعال فجزأ ذلك الاسم الجامع إلى أربعة أسماء جامعة، واحدة منها للذات فقط، فلما ذكرنا سابقا استبد تعالى به ولم يعطه خلقه، وثلاثة منها تتعلق بالأنواع الثلاثة من الصفات فأعطاها خلقه ليعرفوه بها بوجه من الوجوه فهذه الثلاثة حجب ووسائط بين الخلق وبين هذا الاسم المكنون إذ بها يتوسلون إلى الذات وإلى الاسم المختص بها، ولما كانت تلك الأسماء الأربعة مطوية في الاسم الجامع على الاجمال لم يكن بينها تقدم وتأخر، ولذا قال: ليس منها واحد قبل الآخر.
ويمكن أن يقال على بعض المحتملات السابقة: إنه لما كان تحققها في العلم الأقدس لم يكن بينها تقدم وتأخر في الوجود، (1) كما يكون في تكلم الخلق، والأول أظهر.
ثم بين الأسماء الثلاثة فأولها " الله " وهو الدال على النوع الأول لكونه موضوعا للذات المستجمع للصفات الذاتية الكمالية، والثاني " تبارك " لأنه من البركة والنمو وهو إشارة إلى أنه معدن الفيوض ومنبع الخيرات التي لا تتناهى، وهو رئيس جميع الصفات الفعلية من الخالقية والرازقية والمنعمية وسائر ما هو منسوب إلى الفعل كما أن الأول رئيس الصفات الوجودية من العلم والقدرة وغيرهما، ولما كان المراد بالاسم كل ما يدل على ذاته وصفاته تعالى أعم من أن يكون اسما أو فعلا أو جملة لا محذور في عد " تبارك " من الأسماء. والثالث هو " سبحان " الدال على تنزيهه تعالى عن جميع النقائص فيندرج فيه ويتبعه جميع الصفات السلبية والتزيهية، هذا على نسخة التوحيد، وفي الكافي:
" هو الله تبارك وتعالى وسخر لكل اسم " فلعل المراد أن الظاهر بهذه الأسماء هو الله تعالى، وهذه الأسماء إنما جعلها ليظهر بها على الخلق فالمظهر هو الاسم، والظاهر به هو الرب سبحانه.
ثم لما كان لكل من تلك الأسماء الثلاثة الجامعة شعب أربع ترجع إليها جعل لكل منها أربعة أركان هي بمنزلة دعائمه فأما " الله " فلدلالته على الصفات الكمالية.