في حديث الأقرع والأبرص والأعمى: بدا لله عز وجل أن يبتليهم أي قضى بذلك، وهو معنى البداء ههنا لان القضاء سابق والبداء استصواب شئ علم بعد أن لم يعلم، وذلك على الله غير جائز انتهى.
وقد دلت الآية على الأجلين وفسرهما أخيرا بما عرفت، وقد قال تعالى: " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " وقال هذا الناصبي في تفسيرها: في هذه الآية قولان:
الأول: أنها عامة في كل شئ كما يقتضيه ظاهر اللفظ قالوا: " إن الله يمحو من الرزق ويزيد فيه، وكذا القول في الأجل والسعادة والشقاوة والايمان والكفر، وهو مذهب عمرو بن مسعود، ورواه جابر عن رسول الله صلى الله عليه وآله والثاني: أنها خاصة في بعض الأشياء دون البعض ففيها وجوه: الأول: أن المراد من المحو والاثبات نسخ الحكم المتقدم وإثبات حكم آخر بدلا عن الأول. الثاني: أنه تعالى يمحو من ديوان الحفظة ما ليس بحسنة ولا سيئة، لأنهم مأمورون بكتبة كل قول وفعل ويثبت غيره. الثالث: أنه تعالى أراد بالمحو أن من أذنب أثبت ذلك الذنب في ديوانه، فإذا تاب عنه محا عن ديوانه الرابع: يمحو الله ما يشاء وهو من جاء أجله، ويدع من لم يجئ أجله ويثبته الخامس: أنه تعالى يثبت في أول السنة فإذا مضت السنة محيت وأثبت كتاب آخر للمستقبل. السادس: يمحو نور القمر ويثبت نور الشمس. السابع:
يمحو الدنيا ويثبت الآخرة. الثامن: أنه في الأرزاق والمحن والمصائب يثبتها في الكتاب ثم يزيلها بالدعاء والصدقة، وفيه حث على الانقطاع إلى الله تعالى. التاسع: تعير أحوال العبد فما مضى منها فهو المحو، وما حضر وحصل فهو الاثبات العاشر: يزيل ما يشاء من حكمه لا يطلع على غيبه أحد فهو المتفرد بالحكم كما يشاء، وهو المستقل بالايجاد والاعدام والاحياء والإماتة والاغناء والافقار بحيث لا يطلع على تلك الغيوب أحد من خلقه.
واعلم أن هذا الباب فيه مجال عظيم فإن قال قائل: ألستم تزعمون أن المقادير سابقة قد جف بها القلم فكيف يستقيم مع هذا المعني المحو والاثبات؟ قلنا: ذلك المحو