بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ١٢٣
وقد شنع عليهم بذلك كثير من المخالفين، والاخبار في ثبوتها كثيرة مستفيضة من الجانبين كما عرفت، ولنشر إلى بعض ما قيل في تحقيق ذلك، ثم إلى ما ظهر لي من الاخبار مما هو الحق في المقام.
اعلم أنه لما كان البداء - ممدودا - في اللغة بمعنى ظهور رأي لم يكن - يقال: بدا الامر بدوا: ظهر، وبدا له في هذا الامر بداءا أي نشأ له فيه رأي، كما ذكره الجوهري وغيره - فلذلك يشكل القول بذلك في جناب الحق تعالى، لاستلزامه حدوث علمه تعالى بشئ بعد جهله وهذا محال، ولهذا شنع كثير من المخالفين على الامامية في ذلك نظرا إلى ظاهر اللفظ من غير تحقيق لمرامهم حتى أن الناصبي المتعصب " الفخر الرازي " ذكر في خاتمة كتاب المحصل حاكيا عن سليمان بن جرير أن الأئمة الرافضة وضعوا القول بالبداء لشيعتهم فإذا قالوا: إنه سيكون لهم أمر وشوكة ثم لا يكون الامر على ما أخبروه قالوا: بد الله تعالى فيه، وأعجب منه أنه أجاب المحقق الطوسي رحمه الله في نقد المحصل عن ذلك - لعدم إحاطته كثيرا بالاخبار -: بأنهم لا يقولون بالبداء، وإنما القول به ما كان إلا في رواية رووها عن جعفر الصادق عليه السلام أنه جعل إسماعيل القائم مقامه بعده فظهر من إسماعيل ما لم يرتضه منه فجعل القائم مقامه موسى عليه السلام، فسئل عن ذلك فقال: بدا لله في إسماعيل، وهذه رواية وعندهم أن خبر الواحد لا يوجب علما ولا عملا انتهى.
فانظر إلى هذا المعاند كيف أعمت العصبية عينه حيث نسب إلى أئمة الدين الذين لم يختلف مخالف ولا مؤالف في فضلهم وعلمهم وورعهم وكونهم أتقى الناس وأعلاهم شأنا ورفعة الكذب والحيلة والخديعة، ولم يعلم أن مثل هذه الألفاظ المجازية الموهمة لبعض المعاني الباطلة قد وردت في القرآن الكريم وأخبار الطرفين كقوله تعالى: " الله يستهزئ بهم " ومكر الله، وليبلوكم، ولنعلم، ويد الله، ووجه الله، وجنب الله إلى غير ذلك مما لا يحصى، وقد ورد في أخبارهم ما يدل على البداء بالمعني الذي قالت به الشيعة أكثر مما ورد في أخبارنا، كخبر دعاء النبي صلى الله عليه وآله على اليهودي، وإخبار عيسى على نبينا وآله وعليه السلام، وأن الصدقة والدعاء يغير ان القضاء وغير ذلك. وقال ابن الأثير في النهاية:
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322