بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٩٧
ارتفع وبرز حتى يتمكن الفحل من ضربها، فاعتبر كيف جعل حيا الأنثى من الفيلة على خلاف ما عليه في غيرها من الانعام ثم جعلت فيه هذه الخلة ليتهيأ للامر الذي فيه قوام النسل ودوامه.
فكر في خلق الزرافة واختلاف أعضائها وشبهها بأعضاء أصناف من الحيوان، فرأسها رأس فرس، وعنقها عنق جمل، وأظلافها أظلاف بقرة، وجلدها جلد نمر، وزعم ناس من الجهال بالله عز وجل أن نتاجها من فحول شتى! قالوا: وسبب ذلك أن أصنافا من حيوان البر إذا وردت الماء تنزو على بعض السائمة وينتج مثل هذا الشخص الذي هو كالملتقط من أصناف شتى، وهذا جهل من قائله وقلة معرفته بالبارئ جل قدسه، وليس كل صنف من الحيوان يلقح كل صنف، فلا الفرس يلقح الجمل، ولا الجمل يلقح البقر، وإنما يكون التلقيح من بعض الحيوان فيما يشاكله ويقرب من خلقه كما يلقح الفرس الحمارة فيخرج بينهما البغل، ويلقح الذئب الضبع فيخرج بينهما السمع، على أنه ليس يكون في الذي يخرج من بينهما عضو من كل واحد منهما كما في الزرافة عضو من الفرس، وعضو من الجمل، وأظلاف من البقرة، بل يكون كالمتوسط بينهما الممتزج منهما كالذي تراه في البغل، فإنك ترى رأسه واذنيه وكفله وذنبه وحوافره وسطا بين هذه الأعضاء من الفرس والحمار، وشحيجه كالممتزج من صهيل الفرس ونهيق الحمار، فهذا دليل على أنه ليست الزرافة من لقاح أصناف شتى من الحيوان كما زعم الجاهلون، بل هي خلق عجيب من خلق الله للدلالة على قدرته التي لا يعجزها شئ، وليعلم أنه خالق أصناف الحيوان كلها، يجمع بين ما يشاء من أعضائها في أيها شاء ويفرق ما شاء منها في أيها شاء، ويزيد في الخلقة ما شاء، وينقص منها ما شاء، دلالة على قدرته على الأشياء، وأنه لا يعجزه شئ أراده جل وتعالى، فأما طول عنقها والمنفعة لها في ذلك فإن منشأها ومرعاها في غياطل ذوات أشجار شاهقة ذاهبة طولا في الهواء فهي تحتاج إلى طول العنق لتناول بفيها أطراف تلك الأشجار فتتقوت من ثمارها.
تأمل خلق القرد وشبهه بالانسان في كثير من أعضائه أعني الرأس والوجه و المنكبين والصدر، وكذلك أحشاؤه شبيهة أيضا بأحشاء الانسان، وخص من ذلك بالذهن
(٩٧)
مفاتيح البحث: الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309