يشرحه (1) حتى يطفوا على الماء، يكمن تحته ويثور الماء الذي عليه حتى لا يتبين شخصه، فإذا وقع الطير على السمك الطافي وثب إليها فاصطادها، فانظر إلى هذه الحيلة كيف جعلت طبعا في هذه البهيمة لبعض المصلحة؟.
قال المفضل: فقلت: خبرني يا مولاي عن التنين والسحاب، فقال عليه السلام: إن السحاب كالموكل به يختطفه حيثما ثقفه، كما يختطف حجر المقناطيس الحديد، فهو لا يطلع رأسه في الأرض خوفا من السحاب ولا يخرج إلا في القيظ مرة إذا صحت السماء فلم يكن فيه نكتة من غيمة، قلت: فلم وكل السحاب بالتنين يرصده ويختطفه إذا وجده؟ قال: ليدفع عن الناس مضرته.
بيان: قوله: لا بعقل وروية، لعل المراد أن هذه الأمور من محض لطفه تعالى حيث يلهمهم ذلك لا بعقل وروية، وفي أكثر النسخ: لا يعقل ومروته، وهو تصحيف و المراد معلوم. والجهد: الطاقة والمشقة أي أصابته مشقة عظيمة من العطش. و العجيج: الصياح ورفع الصوت. وأعوزه الشئ أي احتاج إليه. والتماوت: إظهار الموت حيلة. والمساورة: هي الوثوب على وجه الصيد. وقال الفيروزآبادي: الدلفين بالضم دابة بحرية تنجي الغريق (2) وقوله عليه السلام: يثور الماء أي يهيجه ويحركه.
والتنين: حية عظيمة معروفة. وثقفه أي وجده. والقيظ: صميم الصيف من طلوع الثريا إلى طلوع سهيل. والصحو: ذهاب الغيم.
قال المفضل: فقلت: قد وصفت لي يا مولاي من أمر البهائم ما فيه معتبر لمن اعتبر فصف لي الذرة (3) والنمل والطير، فقال عليه السلام:
يا مفضل تأمل وجه الذرة الحقيرة الصغيرة هل تجد فيها نقصا عما فيه صلاحها؟