بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٧٢
والأسنان التي تصوغ الصوت حروفا ونغما كالأصابع التي يختلف في فم المزمار فتصوغ صفيره ألحانا، غير أنه وإن كان مخرج الصوت يشبه المزمار بالدلالة والتعريف فإن المزمار بالحقيقة هو المشبه بمخرج الصوت.
قد أنبأتك بما في الأعضاء من الغناء في صنعة الكلام وإقامة الحروف، وفيها مع الذي ذكرت لك مآرب أخرى، فالحنجرة ليسلك فيها هذا النسيم إلى الرية فتروح على الفؤاد بالنفس الدائم المتتابع الذي لو احتبس (1) شيئا يسيرا لهلك الانسان، و باللسان تذاق الطعوم فيميز بينها ويعرف كل واحد منها حلوها من مرها، وحامضها من مزها، ومالحها من عذبها، وطيبها من خبيثها، وفيه مع ذلك معونة على إساغة الطعام والشراب، والأسنان تمضغ الطعام حتى تلين ويسهل إساغته، وهي مع ذلك كالسند للشفتين تمسكهما وتدعمهما من داخل الفم، (2) واعتبر ذلك بأنك ترى من سقطت أسنانه مسترخي الشفة ومضطربها، وبالشفتين يترشف الشراب (3) حتى يكون الذي يصل إلى الجوف منه بقصد وقدر لا يثج ثجا فيغص به الشارب أو ينكا في الجوف، ثم هما بعد ذلك كالباب المطبق على الفم يفتحهما الانسان إذا شاء، ويطبقهما إذا شاء، ففيما وصفنا من هذا بيان أن كل واحد من هذه الأعضاء يتصرف وينقسم إلى وجوه من المنافع، كما تتصرف الأداة الواحدة في أعمال شتى، وذلك كالفاس (4) يستعمل في النجارة (5) والحفر وغيرهما من الاعمال، ولو رأيت الدماغ إذا كشف عنه لرأيته قد لف بحجب بعضها فوق بعض لتصونه من الاعراض وتمسكه فلا يضطرب، ولرأيت عليه الجمجمة بمنزلة البيضة كيما يفته هد الصدمة والصكة (6) التي ربما وقعت في الرأس، ثم قد جللت الجمجمة بالشعر حتى صار بمنزلة الفر وللرأس (7) يستره من شدة الحر

(1) وفي نسخة: لو حبس.
(2) دعم الشئ: أسنده لئلا يميل.
(3) رشف الماء أي بالغ في مصه.
(4) الفأس: آلة لقطع الخشب وغيره.
(5) وزان الكتابة: حرفة النجار.
(6) الصكة: الضرب الشديد أو اللطم.
(7) الفرو: شئ كالجبة يبطن من جلود بعض الحيوانات كالأرانب والسمور.
(٧٢)
مفاتيح البحث: الطعام (1)، الإقامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309