بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٢
الذي خلق الخلق له، وقوله تعالى: " لا تبديل لخلق الله " أراد به أن ما خلق الله العباد له من العبادة والطاعة ليس مما يتغير ويختلف حتى يخلق قوما للطاعة وآخرين للمعصية ويجوز أن يريد بذلك الامر وإن كان ظاهره ظاهر الخبر، فكأنه قال: لا تبدلوا ما خلقكم الله له من الدين والطاعة بأن تعصوا وتخالفوا والوجه الآخر في تأويل قوله عليه السلام: الفطرة أن يكون المراد به الخلقة، و تكون لفظة " على " على ظاهرها لم يرد بها غيره، ويكون المعنى: كل مولود يولد على الخلقة الدالة على وحدانية الله تعالى وعبادته والايمان به، لأنه عز وجل قد صور الخلق وخلقهم على وجه يقتضي النظر فيه معرفته والايمان به، وإن لم ينظروا و يعرفوا، فكأنه عليه السلام قال: كل مخلوق ومولود فهو يدل بخلقته وصورته على عبادة الله تعالى وإن عدل بعضهم فصار يهوديا أو نصرانيا، وهذا الوجه أيضا يحتمله قوله تعالى:
فطرة الله التي فطر الناس عليها. وإذا ثبت ما ذكرناه في معنى الفطرة فقوله عليه الصلاة والسلام: حتى يكون أبواه يهودانه وينصرانه يحتمل وجهين: أحدهما أن من كان يهوديا أو نصرانيا ممن خلقته لعبادتي وديني فإنما جعله أبواه كذلك، أو من جرى مجراهما ممن أوقع له الشبهة وقلده الضلال عن الدين، وإنما خص الأبوين لان الأولاد في الأكثر ينشأون على مذاهب آبائهم ويألفون أديانهم ونحلهم، ويكون الغرض بالكلام تنزيه الله تعالى عن ضلال العباد وكفرهم، وأنه إنما خلقهم للايمان فصدهم عنه آباؤهم، أو من جرى مجراهم. والوجه الآخر: أن يكون معنى يهودانه وينصرانه أي يلحقانه بأحكامهما، لان أطفال أهل الذمة قد ألحق الشرع أحكامهم بأحكامهم فكأنه عليه السلام قال: لا تتوهموا من حيث لحقت أحكام اليهود والنصارى أطفالهم أنهم خلقوا لدينهم بل لم يخلقوا إلا للايمان والدين الصحيح، لكن آباؤهم هم الذين أدخلوهم في أحكامهم، وعبر عن إدخالهم في أحكامهم بقوله: يهودانه وينصرانه.
(٢٨٢)
مفاتيح البحث: الضلال (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309