بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٣
لا يقال: لعل انتفاء إرادة الاخر واجب بنفسه، ولا نسلم منافاة توسط الواجب بالذات بين الفاعل وفعله، لاستقلاله واستلزامه النقص. لأنا نقول: الأول بين البطلان فإن تحقق إرادة الاخر وانتفاعها ممكن في نفسه لكنه ينتفي فيما نحن فيه من قبل ذي الإرادة لو انتفى فيكون واسطة ممكنة غير صادرة عن الفاعل ولا مستندة إليه، وأما الثاني فربما تدعى البداهة في استلزامه النقص وهو غير بعيد وبهذا التقرير يندفع كثير من الشكوك والشبه.
الخامس: تقرير آخر لبرهان التمانع ذكره المحقق الدواني، وهو أنه لا يخلو أن يكون قدرة كل واحد منهما وإرادته كافية في وجود العالم، أو لا شئ منهما كاف، أو أحدهما كاف فقط، وعلى الأول يلزم اجتماع المؤثرين التأمين على معلول واحد، وعلى الثاني يلزم عجزهما لأنهما لا يمكن لهما التأثير إلا باشتراك الاخر، وعلى الثالث لا يكون الاخر خالقا فلا يكون إلها، أفمن يخلق كمن لا يخلق؟.
لا يقال: إنما يلزم العجز إذا انتفت القدرة على الايجاد بالاستقلال أما إذا كان كل منهما قادرا على الايجاد بالاستقلال ولكن اتفقا على الايجاد بالاشتراك فلا يلزم العجز كما أن القادرين على حمل خشبة بالانفراد قد يشتركان في حملها، وذلك لا يستلزم عجزهما لان إرادتهما تعلقت بالاشتراك، وإنما يلزم العجز لو أرادا الاستقلال ولم يحصل. لأنا نقول: تعلق إرادة كل منهما إن كان كافيا لزم المحذور الأول، وإن لم يكن كافيا لزم المحذور الثاني، والملازمتان بينتان لا تقبلان المنع، وما أوردتم من المثال في سند المنع لا يصلح للسندية إذ في هذه الصورة ينقص ميل كل واحد منهما من الميل الذي يستقل في الحمل قدر ما يتم الميل الصادر من الاخر حتى تنقل الخشبة بمجموع الميلين، وليس كل واحد منهما بهذا القدر من الميل فاعلا مستقلا، وفي مبحثنا هذا ليس المؤثر إلا تعلق القدرة والإرادة، ولا يتصور الزيادة والنقصان في شئ منهما السادس: أن كل من جاء من الأنبياء وأصحاب الكتب المنزلة إنما ادعى الاستناد إلى واحد أسند إليه الاخر، ولو كان في الوجود واجبان لكان يخبر مخبر من قبله بوجوده وحكمه، واحتمال أن يكون في الوجود واجب لا يرسل إلى هذا العالم أو لا يؤثر ولا
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309