بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٩١
الشمس لدنوها، وخلق لهم شهبا ونجوما يهتدى بها في ظلمات البر والبحر لمنافع الناس، ونجوما يعرف بها أصل الحساب، فيها الدلالات على إبطال الحواس، ووجود معلمها الذي علمها عباده، مما لا يدرك علمها بالعقول فضلا عن الحواس، ولا يقع عليها الأوهام ولا يبلغها العقول إلا به لأنه العزيز الجبار الذي دبرها وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، يسبحان (1) في فلك يدور بهما دائبين، (2) يطلعهما تارة ويؤفلهما أخرى، فبنى عليه الأيام والشهور والسنين التي هي من سبب الشتاء والصيف والربيع والخريف، أزمنة مختلفة الاعمال، أصلها اختلاف الليل والنهار اللذين لو كان واحد منهما سرمدا على العباد لما قامت لهم معايش أبدا، فجعل مدبر هذه الأشياء وخالقها النهار مبصرا والليل سكنا، وأهبط فيهما الحر والبرد متبائنين لو دام واحد منهما بغير صاحبه ما نبتت شجرة ولا طلعت ثمرة، ولهلكت الخليقة لان ذلك متصل بالريح المصرفة في الجهات الأربع، باردة تبرد أنفاسهم، وحارة تلقح أجسادهم وتدفع الأذى عن أبدانهم ومعايشهم، ورطوبة ترطب طبائعهم، ويبوسة تنشف رطوباتهم وبها يأتلف المفترق وبها يتفرق الغمام المطبق حتى ينبسط في السماء كيف يشاء مدبره فيجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله بقدر معلوم لمعاش مفهوم، وأرزاق مقسومة وآجال مكتوبة، ولو احتبس عن أزمنته ووقته هلكت الخليقة ويبست الحديقة، فأنزل الله المطر في أيامه ووقته إلى الأرض التي خلقها لبني آدم، وجعلها فرشا ومهادا، وحبسها أن تزول بهم، وجعل الجبال لها أوتادا، وجعل فيها ينابيع تجري في الأرض بما تنبت فيها لا تقوم الحديقة والخليقة إلا بها، ولا يصلحون إلا عليها مع البحار التي يركبونها، ويستخرجون منها حلية يلبسونها ولحما طريا وغيره يأكلونه، فعلم أن إله البر والبحر والسماء والأرض وما بينهما واحد حي قيوم مدبر حكيم، وأنه لو كان غيره لاختلفت الأشياء.
وكذلك السماء نظير الأرض التي أخرج الله منها حبا وعنبا وقضبا، وزيتونا

(1) سبح في الماء وبالماء: عام وانبسط فيه. ويستعار لمر النجوم وجرى الفرس وما شاكل.
(2) أي مستمرين.
(١٩١)
مفاتيح البحث: العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309