بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٩٥
سميناه لطيفا للخلق اللطيف، ولعلمه بالشئ اللطيف مما خلق من البعوض والذرة، (1) ومما هو أصغر منهما لا يكاد تدركه الابصار والعقول، لصغر خلقه من عينه وسمعه و صورته، لا يعرف من ذلك لصغره الذكر من الأنثى، ولا الحديث المولود من القديم الوالد، (2) فلما رأينا لطف ذلك في صغره وموضع العقل فيه والشهوة للفساد (3) والهرب من الموت، والحدب على نسله من ولده، ومعرفة بعضها بعضا، وما كان منها في لجج البحار، وأعنان السماء، والمفاوز والقفار، وما هو معنا في منزلنا، ويفهم بعضهم بعضا من منطقهم، وما يفهم من أولادها، ونقلها الطعام إليها والماء، علمنا أن خالقها لطيف وأنه لطيف بخلق اللطيف، (4) كما سميناه قويا بخلق القوي.
قال: إن الذي جئت به لواضح، فكيف جاز للخلق أن يتسموا بأسماء الله تعالى؟
قلت: إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه أباح للناس الأسماء ووهبها لهم، وقد قال القائل من الناس للواحد: واحد، ويقول لله: واحد، ويقول: قوي والله تعالى قوي، ويقول:
صانع والله صانع، ويقول: رازق والله رازق، ويقول: سميع بصير والله سميع بصير، وما أشبه ذلك، فمن قال للانسان: واحد فهذا له اسم وله شبيه، والله واحد وهو له اسم ولا شئ له شبيه وليس المعنى واحدا، وأما الأسماء فهي دلالتنا على المسمى لأنا قد نرى الانسان واحدا وإنما نخبر واحدا إذا كان مفردا فعلم أن الانسان في نفسه ليس بواحد في المعنى لان أعضاءه مختلفة وأجزاءه ليست سواءا، ولحمه غير دمه، وعظمه غير عصبه، وشعره غير ظفره، وسواده غير بياضه، وكذلك سائر الخلق والانسان واحد في

(1) الذر: صغار النمل.
(2) هذا تنبيه منه عليه السلام على وجود الحيوانات الحية والميكروبات المخفية عن الانظار و العقول، قبل وجود المكبرات واختراع الميكروسكوب والمنظار بقرون، وغير خفى أن العلم بذلك في أحد عشر قرنا قبل زماننا لم يك يحصل إلا لذوي النفوس الكاملة والأنظار الثاقبة، الذين خصهم الله من بريته بفضله، وأيدهم بحكمته، وانتجبهم لولايته من بين خلقه، وعلمهم مالا يعلم غيرهم من عبيده.
(3) وفي نسخة: والشهوة للبقاء.
(4) وفي نسخة: لطيف يخلق اللطيف.
(١٩٥)
مفاتيح البحث: الطعام (1)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309