بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٧٦
قلت: فافهم وأدق النظر وناصح نفسك ألست تعلم أنه حيث كان جميع أهل الدنيا إنما يولدون بهذه النجوم على ما وصفت في النحوس والسعود أنهن كن قبل الناس؟ قال:
ما أمتنع أن أقول هذا. قلت: أفليس ينبغي لك أن تعلم أن قولك: إن الناس لم يزالوا ولا يزالون قد انكسر عليك (1) حيث كانت النجوم قبل الناس، فالناس حدث بعدها، و لئن كانت النجوم خلقت قبل الناس ما تجد بدا من أن تزعم أن الأرض خلقت قبلهم.
قال: ولم تزعم أن الأرض خلقت قبلهم؟ قلت: ألست تعلم أنها لو لم تكن الأرض جعل الله لخلقه فراشا ومهادا ما استقام الناس ولا غيرهم من الأنام، ولا قدروا أن يكونوا في الهواء إلا أن يكون لهم أجنحة؟ قال: وماذا يغني عنهم الأجنحة إذا لم تكن لهم معيشة؟
قلت: ففي شك أنت من أن الناس حدث بعد الأرض والبروج؟ قال: لا ولكن على اليقين من ذلك.
قلت: آتيك أيضا بما تبصره. قال: ذلك أنفى (2) للشك عني. قلت: ألست تعلم أن الذي تدور عليه هذه النجوم والشمس والقمر هذا الفلك؟ قال: بلى. قلت: أفليس قد كان أساسا لهذه النجوم؟ قال: بلى. قلت: فما أرى هذه النجوم التي زعمت أنها مواليد الناس إلا وقد وضعت بعد هذا الفلك لأنه به تدور البروج وتسفل مرة وتصعد أخرى.
قال: قد جئت بأمر واضح لا يشكل على ذي عقل أن الفلك الذي تدور به النجوم هو أساسها الذي وضع لها لأنها إنما جرت به. قلت: أقررت أن خالق النجوم التي يولد بها الناس سعودهم ونحوسهم هو خالق الأرض لأنه لو لم يكن خلقها لم يكن ذرء.
قال: ما أجد بدا من إجابتك إلى ذلك. قلت: أفليس ينبغي لك أن يدلك عقلك على أنه لا يقدر على خلق السماء إلا الذي خلق الأرض والذرء والشمس والقمر والنجوم، وأنه لولا السماء وما فيها لهلك ذرء الأرض.
شرح: أن يكون لبعض الناس أي هذا العلم. اعلم أن كلامه واحتجاجه عليه السلام

(1) وفي نسخة: قد أنكر عليك.
(2) وفي نسخة: قال: ذلك أنقى للشك عنى.
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309