مبني على أحد أمرين: الأول ما يحكم به الوجدان من أن العلم بدقائق حركات هذه الكواكب وخواص آثارها والمناسبة بينها وبين ما هي علامة لحدوثها لا يتأتى إلا لخالقها الذي جعلها كذلك، أو من ينتهي علمه إليه، ومعلوم أن ما هو الحق من هذه العلوم إنما وصل إلى الخلق من الأنبياء كما اعترفوا به، ولما لم يحيطوا بجميع ذلك وضاع عنهم بعض ما استفادوا من الأنبياء عليهم السلام أيضا فلذا ترى الرياضيين يتحيرون في بعض الحركات التي لا تستقيم على أصولهم، ويسمونها ما لا ينحل، وترى المنجمين يخطؤون في كثير من أحكامهم لذلك. ثم ذكر عليه السلام على سبيل التنزل أنه لو سلمنا أنه يمكن أن يتيسر ذلك لمخلوق من البشر فلا يتأتى ذلك إلا لمن كان معها في حركاتها و يعاشرها مدة طويلة ليعلم كيفية حركاتها وجرب بكثرة المعاشرة خواصها وآثارها.
والثاني: أن يكون المراد أنك إذا اعترفت أن كل الخلق يولدون بهذه النجوم فلا يكون أحد منهم علة لها ولآثارها لتقدمها عليهم، ولا شك في أنه لابد من حكيم عالم بجميع الأمور قادر عليها، أسس ذلك الأساس وبنى عليها تلك الآثار والأحكام التي أمكن للخلق بها استعلام ما لم يأت من الأمور، فقد أقررت بالصانع فهو أول عالم بهذا العلم لا الحكيم الذي تزعم أنه يولد بتلك النجوم. (1) ويحتمل أن يكون المقصود من الكلام الإشارة إلى كلا الدليلين كما لا يخفى بعد التأمل. قوله عليه السلام: مواضعها من السماء أي عند كونها فوق الأرض، ومواضعها تحت الأرض أي بعد غروبها واستتارها عنا بالأرض. قوله عليه السلام: إلا بمن في السماء أي بمن أحاط علمه وقدرته وحكمه بالسماء وما فيها. قوله عليه السلام: فأنا أقول قولك أي أنا أعتقد ما قلت من أن الحكماء الذين تزعمهم عالمين به لم يرقوا إلى السماء، أو أعتقد أنه لا يمكنهم أن يرقوا إلى السماء بأنفسهم بدون تعلق إرادة الرب تعالى به، ومع ذلك فإن سلمناه فلا يكفي محض الصعود للإحاطة بذلك. قوله عليه السلام: مع كل برج أي فيه أو بالحركة السريعة. قوله عليه السلام:
في ثلاثين سنة وهو زحل، وهو أبطأ السيارات، وإنما لم يتعرض عليه السلام للثوابت مع