بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٧١
متن: قلت: أخبرني هل يعلم أهل بلادك علم النجوم؟ قال: إنك لغافل عن علم أهل بلادي بالنجوم فليس أحد أعلم بذلك منهم. قلت: أخبرني كيف وقع علمهم بالنجوم وهي مما لا يدرك بالحواس ولا بالفكر؟ قال: حساب وضعته الحكماء وتوارثته الناس فإذا سألت الرجل منهم عن شئ قاس الشمس ونظر في منازل الشمس والقمر وما للطالع من النحوس، وما للباطن من السعود، ثم يحسب ولا يخطئ، ويحمل إليه المولود فيحسب له ويخبر بكل علامة فيه بغير معاينة وما هو مصيبه إلى يوم يموت. قلت: كيف دخل الحساب في مواليد الناس؟ قال: لان جميع الناس إنما يولدون بهذه النجوم، ولولا ذلك لم يستقم هذا الحساب فمن ثم لا يخطئ إذا علم الساعة واليوم والشهر والسنة التي يولد فيها المولود. قلت: لقد توصفت علما عجيبا (1) ليس في علم الدنيا أدق منه ولا أعظم إن كان حقا كما ذكرت، يعرف به المولود الصبي وما فيه من العلامات ومنتهى أجله وما يصيبه في حياته، أوليس هذا حسابا تولد به جميع أهل الدنيا من كان من الناس؟ قال:
لا أشك فيه. قلت: فتعال ننظر بعقولنا كيف علم الناس هذا العلم وهل يستقيم أن يكون لبعض الناس إذا كان جميع الناس يولدون بهذه النجوم، وكيف عرفها بسعودها ونحوسها، وساعاتها وأوقاتها، ودقائقها ودرجاتها، وبطيئها وسريعها، ومواضعها من السماء، ومواضعها تحت الأرض، ودلالتها على غامض هذه الأشياء التي وصفت في السماء وما تحت الأرض، فقد عرفت أن بعض هذه البروج في السماء، وبعضها تحت الأرض، و كذلك النجوم السبعة منها تحت الأرض ومنها في السماء فما يقبل عقلي أن مخلوقا من أهل الأرض قدر على هذا. قال: وما أنكرت من هذا؟ قلت: إنك زعمت أن جميع أهل الأرض إنما يتوالدون بهذه النجوم، فأرى الحكيم الذي وضع هذا الحساب بزعمك من بعض أهل الدنيا، ولا شك إن كنت صادقا أنه ولد ببعض هذه النجوم والساعات و الحساب الذي كان قبله، إلا أن تزعم أن ذلك الحكيم لم يولد بهذه النجوم كما ولد سائر الناس. قال: وهل هذا الحكيم إلا كسائر الناس؟ قلت: أفليس ينبغي أن يدلك عقلك على أنها قد خلقت قبل هذا الحكيم الذي زعمت أنه وضع هذا الحساب، وقد زعمت أنه ولد ببعض هذه النجوم؟ قال: بلى.

(1) وفي نسخة: لقد وصفت علما عجيبا.
(١٧١)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309